سيادة القانون والفلتان الأمني

بقلم: 

امام استمرار ارتكاب الجرائم التي تهز مجتمعنا يوميا نتيجة لانتشار ظاهرة  السلاح بايدى المواطنين ووجود ثقافة اخذ القانون باليد بدل  ثقافة الاحتكام للقانون وما ينجم عنه من جرائم خطيرة تصل لحد اراقة الدماء وحرق الممتلكات والاعتداء عليها وترويع الامنين لا بد لنا من سبر غور هذا الموضوع وتحليله بما يرقى لمستوى المشاركة في معالجة الظاهرة ولو بمقال وذلك اضعف الايمان.
ما حدث في بلدة يعبد ومدينة نابلس امس من قتل ودمار وحرق بين الاهالي والعائلات يدل على ان ظاهرة حيازة الاسلحة منتشرة في اوساط المواطنين وتستخدم في ارتكاب الجرائم الخطيرة على الامن والنظام لعام تهدد النسيج الاجتماعي الفلسطيني في الوقت الذي احوج ما نكون فيه لتماسكنا ووحدتنا خصوصا في ظل الظروف التي يعيشها شعبنا نتيجة لوجود الاحتلال الاسرائيلي .
مبدأ سيادة القانون والاحتكام له دائما هو سبيل الخلاص من الجرائم التي يرتكبها المستهترين بأرواح الناس والعابثين  بامن المواطن ، هذا المبدأ الذي يميز المجتمعات المتحضرة عن غيرها لازال حبرا على ورق ومجرد اغنية نتذكرها عند وقوع المصيبة .
قانون العقوبات النافذ في فلسطين هو القانون الاردني لسنة  1960 لكنه  قانون قديم ولا يصلح للتطبيق في هذه الايام فالعقوبات على بعض الجرائم الخطيرة تقف عند الغرامات او استبدال الحبس بالغرامة وهو ما يشجع المجرم على ارتكاب جريمته طالما انه امن لعقاب .
ايضا نلاحظ ان معظم الحملات الامنية التي تنفذها اجهزة الامن ترتبط  بجرائم بسيطة  مثل البحث السيارات المشطوبة والغير قانونية او ملاحقة المطلوبين على شيكات بدون رصيد او حملات امنية لتنظيم اسواق الخضار والبسطات ولكن لا نسمع عن حملات امنية لها علاقة بجمع السلاح الموجود بأيدي المواطنين لذلك اعتقد اننا بحاجة لخطة امنية حقيقة يشارك بها كل الاجهزة وتشكل لجان شعبية مساندة لها للسيطرة على الاسلحة الموجودة بيد العابثين بأمن المواطن .
ايضا يلاحظ انه في بعض الاحيان يرتكب مجرم جريمة معينة لكنه لا يلاحق عليها لان مسئول ما تدخل وتوسط له عند الجهات المختصة لا خلاء سبيله وهنا المصيبة ان هذا المجرم سيعتبر نفسه محصنا ومسنودا فيمعن في ارتكاب جرائمه .
لاشك ان السلطة الوطنية بأجهزتها يسعون يوميا لحماية امن المواطن لكن وجود الاحتلال وسيطرته على مناطق ج يعيق عمل اجهزة السلطة في هذه المناطق والتي اصبحت ملاذا امنا للكثير من المطلوبين للعدالة ويلاحظ هنا ان الاحتلال يساهم في انتشار الجريمة من خلال منع الاجهزة الامنية للوصول الى بعض المناطق وهو ما يظهر مصلحة واضحة له في انعدام الامن لدى المواطن وانتشار الفوضى المقيتة لدينا ؟
القضاء الفلسطيني الذي ننحني له يقوم بدوره على اكمل وجه طالما احيل ملف الجريمة له ويتشدد القضاة في الافعال الجرمية التي يقترفها من سالت لهم انفسهم للاعتداء على الناس لكن قضاءنا وللأسف يواجه عقبات جمة قي تحقيق العدالة ولعل اهمها ان الذين يحملون الهويات الاسرائيلية لا يمكن ملاحقتهم  وفقا لاتفاق اوسلو وهو ما يسمح لهم بارتكاب الجرائم البشعة هنا والآفلات من العقاب منها بالإضافة لطول اجراءات المحاكمة التي لا علاقة للقضاة به فنحن احيانا لا نستطيع القيام بإجراء تبليغ شاهد لأنه يسكن في اماكن لا تسيطر عليها السلطة بالإضافة لأسباب اخرى لا مجال للحديث عنها هنا حتى لا نطيل على القارئ الكريم لكن طول الاجراءات له علاقة مباشرة في استمرار الجريمة وعدم تحقيق العدالة فالعدالة البطيئة ظلم جهير ومن لا يشعر بالإنصاف قضاءا من الطبيعي في ظل هذه الفوضى  ان يسعى لأخذ حقه بيده حتى لو كلف الامر ارتكاب جريمة قتل.
اعتقد ان اجهزة الامن المناط بها انفاذ القانون وحماية امن المواطن تواجه عقبات كبيرة وكثيرة في عملها وهو ما يدعو لتشكيل لجان شعبية مساندة لأجهزة الامن بحيث يتعاون الجميع لصالح المواطن الذي يعيش بين مطرقة الاحتلال وسندان المجرمين .
ايضا لا بد من لعادة النظر في قانون العقوبات النافذ وباقي القوانين ذات العلاقة بما يسمح بتغليظ العقوبة على المجرمين وعدم افلاتهم من يد القضاء ايضا اعتقد انه لابد من ارساء دعائم خطة امنية ووطنية تهدف لجمع السلاح الغير قانوني بالتعاون مع العائلات والعشائر والتنظيمات وغيرها حتى يعم الامن وننعم بالسلم الاجتماعي وتتحقق العدالة للجميع.