خلال مثابرتي.. حصدت على كنز غرفة التجارة

بقلم: 

إن لم يكن لديك حلم فأنت ميت لا محال، حلم بفشل أفضل ألف مرة من العيش بلا أي هدف يذكر!، فالفشل بداية النجاح ويوم ما يصبح الهدف تاريخ تعتز به ويقال للأبناء والأحفاد، وما بين امتلاك الهدف والحلم أو حتى عدمه فارق كبير كالنفس الذي تحيا به، فأن فقد منك فأعلم أنك اعتزلت الحياة، أو لربما خرجت من القبر بكفالة، أنك جسد بلا روح!!

يقول غسان كنفاني: "لن تستطيعي أن تجدي الشمس في غرفة مغلقة"، وأظن أن هذه العبارة تمام كالوضع الحالي الذي نحياه، فالاستسلام بواقع أن ليس هناك أي وظيفة تذكر هو غرفة مغلقة، وعكسها تماما إن ثابرت بتطوير قدراتك وذاتك.

 فبرغم من سوء الوضع الاقتصادي في الأراضي الفلسطينية وضخامة عدد خريجي الجامعات ألا أن من الجبن أن تتخلى عن إحدى أهدافك نتيجة يأس، فيداً بيد لربما يعيد العنكبوت بناء خيوط الأمل والأحلام التي رسمت أعلى فأعلى، فعظمة تلك الاحلام لا حدود لها ولكل انسان فرصة وموعده منها، وهذا ما علمتني إياه أمي، فتقول: "الفرصة لن تهرب ستأتيك يوما ما".

وبالرغم من أن الاعتقاد السائد عند البعض كون الاحلام خرفات لكنها في حقيقة الأمر قابلة للتأويل والتفسير، وحقيقة الأمر أن احلامي بسيطة بجهد عظيم ستحقق ولأبد لها أن تحقق فمن تعب سيحصد نتاج تعبه والأمر سيان بكون قلة من جاء والذهب بفمه والأغلبية حول الفضة للذهب! فمن الصفر والعدم نهض!.

هنا الأهم أن خيار الاستمرار أو العدم يطعن بالذهن ليشله! خريجة صحافة حصدت على حقيبة الغرفة التجارية ها أنا أهذي اقتصاد شركات قطاع خاص يا للهول!، شعور تبادر لذهني في اللحظات الأولى لكن لا بأس فقد تعودت أن أجرب كل شيء جديد، فكلما تشعبت معرفتي من الجديد قمت ببناء مهارة لم تكن موجودة أو أصقل أخرى لأطورها فيما بعد، أما الآن فالخطوة التي بدأتها منذ مدة بتدريبات مكثفة مع عدة مؤسسات محلية ستكتمل وتعزز لأصبح إعلامية كما حلمت.

ما يجعل تقبل الأمر سهل اسم البرنامج "أنت صانع قرار"، لطالما كان لبرامج بيت الأبداع التابعة لمؤسسة “Reform” نوع خاص من الجاذبية لفئات الشباب، وهذا البرنامج يحمل عبارة كبيرة تحمل في طياتها حلم، هدف ومستقبل هذا لو حصل جيل الشباب على دورهم لإعادة رسم التاريخ والمستقبل.

نعم خيار الاستمرار قوة حين يشل ذهنك، فقد قالها محمود درويش" أؤمن بأني سأجد الطريق يوما ما، إلى ذاتي، إلى حلمي، إلى ما اريد". لا مجال للتراجع الآن وأن كنت خريجة إعلام ولكن لا ضرر من الاطلاع على الجانب الاقتصادي فقلة من امتهنه من الصحفيين وهذه نقطة قوة تحسب في رصيدي إن طورت معرفتي به، وكما يقولون التخوف لا بأس عليك منه لكن الهروب جبن وأظنها مسحت من أي قاموس تناثر من حولي لربما هنا أو هناك.

في بداية شهر المرافقة وردني عن رئيس الغرفة التجارية في رام الله أنه صعد من الصفر من فرن خبز صغير كبر ونحت الصخر فوصل لهدفه، إضافة لسجنه 10 سنوات!، يبدو وأن حقيبة الغرفة التجارية تحمل في طياتها شخصية مثيرة على نحو إيجابي للتعرف عليها أكثر، وذاك لكون ما يمر به الانسان يصنع شخصه. إذا ما الذي أهذي به كل الأمور تغيرت فالحقيقة أن الخبرات والمعارف لرئيس الغرفة إضافة لكم هائل من المعلومات بانتظاري!، فأن لم أستطيع الحصول على الكثير منها سأحصل على القليل مما يبنى عليه لاحقا سعيا للوصول للأهداف المرسومة.

 لاحقا في اليوم الأول للقاء رئيس الغرفة التجارية خليل رزق لم ترتب الكلمات، اتفقنا وبدأت الاجتماعات من اليوم الأول اجتماع تلو الأخر، بدا الأمر مخيفا نوعا ما لكن هذه الأجواء تشغل كافة الحواس لدي وتظهر حواسا لم تكن موجودة أصلا، وتوالت الاحداث على مدار أيام المرافقة.

في كل يوم في المرافقة كانت الحواس لازالت في أهب الاستعداد لعمليات التحليل والتخزين، سواء لبناء علاقات اجتماعية أو اكتساب مهارات وخبرات حول كيفية التعامل مع الشخصيات في مراكز صنع القرار، ذاك كله في سبيل عدم التفريط بهذه التجربة على أن يتم استغلالها بالشكل الصحيح كي لا تمر دون أيه تغير يذكر لاحقا.

فبينما أن المجال الصحفي يسمح لك بالكثير من المقابلات والحوارات مع صناع القرار لكن لقائهم عن قرب لا يشبه أي لقاء صحفي، وما تغير فعليا خلال وجودي بالمحيط القريب من شخصية كخليل رزق غير مكنون التفكير السائد بأن صناع القرار لا ينظرون لنا على أننا المستقبل بل كون نظرتهم حقد خوفا ع المنصب، فصحيح أن هناك الفاسد وهو موجود بكل بلد ولكن هذا لا يعني أن الخير انقطع فهناك محاولات لا بأس بها لإشراكنا وتطوير قدراتنا وإيجاد فرص عمل لنا، وذلك ليس بهذيان، وحقيقة الأمر أنا هذا ما لمسته خلال مرافقتي، فالجاذب في شخصه قربه من حاجة الفئة الشابة وسعيه لبذل الجهد بهذا السياق، إضافة لكون الجانب الإنساني حاضر في حرصه على مساعدة الغير، بقوله لي: مساعد الناس واجب"، كل هذا جعل تجربة المرافقة أكثر متعة وبالنهاية فعلا ما مر به من معاناة شكل شخصية إيجابية لم يجرها المنصب بعيداً عن عامة الناس.

في السياق ذاته في بعض الأحيان حين نبدأ أي تدريب أو عمل نكون أكثر حذر من الموظفين من حولنا ونردد عبارة “نريد العمل فقط لا غير". لكن وجود الذي لا يحبك والأخر الذي يضمر شرا لك أمر طبيعي! وربما العكس تمام ستغدو محبوبا من الجميع وهذا ما حدث فعلا طوال أيام مرافقتي.

الأثارة ابتدأت من انطباع رئيس الغرفة والثقة التي منحت لي إلى الاحترام والمحبة الذي شهدته من موظفي غرفة التجارة، وأذكر في اليوم الثالث من المرافقة تعرفت على موظفي الغرفة لاحقا حاولت الانخراط أكثر فيهم لتعرف على طبيعة العمل لكني وجدت نفسي أمارس سلطة نبعت من ثقة رئيس الغرفة بالاطلاع والتدرب بكافة دوائر الغرفة، حيث قال لي: "بأني املك الصلاحية لفعل كل شيء على اعتبار أني نائبة عنه في غيابه"، وفعلا بدأت بالتدرب وقمت بأخذ القدر الكافي من المعلومات عن طبيعة عمل كافة الأقسام، وما كان مريح أن كافة الموظفين أبدو ترحيبهم وسعوا لمنحي المعرفة المطلوبة من عملهم، وكان الأمر كله بابتسامة مزجت بصدق منهم، ولربما أنني محظوظة وكلي يقين أنني تركت أثرا إيجابي لديهم لكونهم مازالوا على تواصل معي.  

أكاد أجزم بأن هذه كانت أعظم تجربة مررت بها في حياتي، لكونها مثيرة ومفيدة وممتعة، فصحيح أنني شخصية مثابرة وأسعى دوما للحصول على تدريبات من شأنها تطوير قدراتي وذاتي لكن تجربة المرافقة هذه إضافة لحياتي الكثير من المعارف والمعلومات والمهارات القيمة، وأيضا عززت مهارات كانت موجودة، وحقيقة الأمر أظنني كنت محظوظة بحصولي على هذه الحقيبة بفضل مؤسسة Reform.

انتهت تجربتي بالكثير من المهارات والخبرات التي تعطي كل الدفع للاستمرار نحو الأفضل.