القضية الفلسطينية مختزلة في العقول المغربية كقضية وطن .
تشكل القضية الفلسطينية نقطة التقاء واتفاق عند المغاربة مهما اختلفت الايدولوجيات ، فارتبط المغرب بفلسطين منذ دخول الاسلام في المغرب ، اذ كان المغاربة يتوجهون الى الحجاز لأداء فريضة الحج ثم يقصدون بلاد الشام لزيارة بيت المقدس نظرا لمكانتها الدينية والتي يحتفظ بها المغاربة حيث يعتبر المغربيون ان المسألة الفلسطينية مختزلة في العقول المغربية كقضية وطن ، مسارها النضال والمقاومة .
لم يهتم بها المغربيون فقط لوجود الناحية الدينية لفلسطين وبالأخص القدس وإنما وصلوها الرحالة المغاربة من اجل البحث عن العلم . فالرحالة ابي القاسم الزياتي وأبي سالم العياشي كانوا يكتبون عن رحلاتهم عن فلسطين والقدس وهذا أثر كثيرا على الشعب المغربي . فيعتبرون فلسطين كذاكرة تأبى النسيان ودم يسري في شريان قلوبهم ، ذاكرة مستديمة صلبة عتية عن الذوبان امام الاعصار .
فلسطين لها حضور مميز وواعي يضاهي في قوته كثيرا ، فهي قلب الوطن العربي . عندما يتحدثون عن القدس وكأنهم يتحدثون عن الامل والرجاء والتسامح والفداء . فهي في اجندة الملايين من المغربيين وملتقى الديانات الثلاث ، فالقضية الفلسطينية هي القضية المركزية للأمة العربية لانجاز المصالحة والوحدة . فالمغرب قدم الكثير للدفاع عن القدس ومواجهة التهويد . يدعمون فلسطين كواجب ديني وحضاري تفرضه العقيدة والحضارة والتاريخ والرؤية الاستراتيجية وكأولوية وطنية ضمن اجندات المغرب .
يتذكرونها ليس عاطفيا وإنما فكريا وعمليا وتطبيقيا ، هناك ارتباط بين المغرب وفلسطين ارتباط واعي عبر مقتضيات التاريخ ثم الاستراتيجية والسياسية والدعم العملي . ففكرهم ينسجم مع الفكر الفلسطيني الذي يحمل الحب وروح التعايش بين الاديان وترسيخ مفهوم السلم الاهلي بين الناس .
المغرب دولة اسلامية فقوانينها الاساسية تضمن حرية ممارسة الشؤون المدنية لغير المسلمين . المغرب رمز التعايش فيعيش المسيحيين واليهود بكل طمأنينة . ويحافظ دائما المغرب على السلم العالمي ودائما يقوم على نبذ الصراعات والحروب ونبذ الارهاب والتطرف عن طريق الايمان والبرهنة والإقناع والدعوة للتلاقي والتعايش .
ارتبط جذور المغرب بجذور فلسطين والتحم الوفاء والوئام بينهما بالتعاون المستمر بروابط وطيدة . فارتبط بالقضية الفلسطينية على اكثر من صعيد . بعد حرق اليهود للمسجد الاقصى 1969 تم عقد اول مؤتمر لمنظمة المؤتمر الاسلامي بالدار البيضاء تحت رئاسة المغرب . وفي عام 1975 تم انشاء لجنة القدس التي اتفقت عليها البلدان الاسلامية وشارك بها الملك حسين الثاني وشارك في تجريدة عسكرية 1973 . وبعد حرب اكتوبر شارك المغرب في اتفاقية السلام عام 1978 . وقام المغرب بدور الوساطة بين مصر وإسرائيل لإرساء المفاوضات . وفي عام 1974 اتخذ قرار في مؤتمر القمة العربية في الرباط ان منظمة التحرير هي الممثل الشرعي لفلسطين .
1981 تم عقد قمة فاس الاولى بدعم من المغرب والأردن ليعلن ان منظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا ووحيدا للفلسطينيين . للوصول الى الحل الشامل عى اساس الحق والعدل . وفي عام 1982 انعقدت قمة فاس الثانية لأول مشروع عربي للسلام اقر في القمة بإنشاء دولة فلسطين وعاصمتها القدس . ولقب الملك الحسين الثاني ابو عمار برمز المقاومة والصمود .
اعلنت منظمة التحرير باجتماع مجلس الوطني بالجزائر 1988 عن انشاء سلطة فلسطينية وكان المغرب اول دولة يعترف بها . لم تنسى فلسطين دور المغرب في دعم مدينة القدس عبر لجنة القدس في مؤتمر السادس للوزراء الخارجية في منظمة المؤتمر الاسلامي . حيث كان المغربيون سدنة للمسجد الاقصى وحاملين مفتاح القدس . وهناك باب في القدس اسمه باب المغاربة وسمي بذلك نظرا لان القادمين من المغرب كانوا يعبرون منه لزيارة المسجد الاقصى . واسمه ايضا باب البراق وباب النبي وسمي بذلك لأنه قريب من حائط البراق عند السور الغربي للمسجد الاقصى .
فعمق العلاقة الفلسطينية والمغربية تأتي من العلاقة الاخوية بينهما لإيصال فلسطين الى طريق الحرية والاستقلال . تهتم المغرب بإيصال قضية فلسطين عبر المحافل الرياضية والثقافية والاجتماعية حيث رفع العلم الفلسطيني اكثر من مرة على ارض ملاعب المغرب .وهناك التعاون المشترك بين المغرب وفلسطين من حيث تبادل الخبرات والمجالات والمعرفة ، وهناك اتفاقيات بينهما مثل اتفاقية في مجال الزراعة كالتأمينات الزراعية في المغرب وصندوق درء المخاطر بين التعاضدية الفلاحية للتأمينات الزراعية في المغرب وصندوق درء المخاطر والتأمينات الزراعية في فلسطين .
وهناك اتفاقيات في مجالات التقنية ، ومجالات التعليم وتطوير المناهج ودعم الموهوبين وتدريبهم وتأهيل المعلمين وإعطاء المنح للمتفوقين الفلسطينيين ، وهناك اتفاقيات في مجال البيئة وهناك توقيع مذكرة تفاهم بين المغرب وفلسطين للتعاون في المجال البيئي ولدعم البيئة في فلسطين . وهناك الكثير من العلاقات المهنية بينهما .
ودعم المغرب القدس في مجال الاستيطان وعمل على انقاذ القدس وحافظ على المقدسات وحافظ على سكانها نظرا لوجود الرابط الدموي بين فلسطين والمغرب من خلال استشهاد الحسني الطنجاوي وعبد الرحمن ازغار نصرة للقضية العادلة . يهتم المغرب في رسم البسمة والبهجة والفرح في قلوب اطفال فلسطين عن طريق الفرق الفنية التي تأتي الى فلسطين خلال المهرجانات السنوية .
فالعلاقة التاريخية قديمة جدا بين فلسطين والمغرب لما لهم دور هام في دعم وإسناد قضية فلسطين حيث يعتبرون ان قضية فلسطين لا يمكن التنازل عنها ولها حق في تقرير مصيرها وإقامة دولة فلسطين على ترابها الوطني ودعم الاستقلال وحقها الثابت في مواجهة الاحتلال .