أين ممثل الشعب الفلسطيني؟
تجدد الحديث خلال اجتماعات القاهرة لقادة ورؤساء الفصائل الفلسطينية عن المجلس الوطني الفلسطيني. عزام الاحمد تحدث عن انتخابات جديدة فلسطينية تشمل المجلس الوطني.
الحقيقة في معرض السؤال عمن يمثل الشعب الفلسطيني حقا تأتي الإجابة لتقول: ليست منظمة التحرير من يمثل الشعب الفلسطيني كله، بدليل الاتفاقات العديدة المبرمة بين حركتي «حماس» و«فتح» لإعادة هيكلة منظمة التحرير لكي تمثل الشعب الفلسطيني. كما ان المجلس التشريعي الفلسطيني لا يمثل كل شعب فلسطين فهو مقتصر على تمثيل من شارك في الانتخابات التشريعية أو من سيشارك فيها من أهلنا في قطاع غزة والضفة الغربية. من يملك حق تمثيل إرادة الشعب الفلسطيني هو من ينتخب مباشرة من شعب فلسطين.
هنا يمكن ان نقول ان المجلس الوطني الراهن لا يمثل شعب فلسطين، فأعضاؤه السبعمئة عُيّنوا ولم يُنتخبوا. وحين نقول شعب فلسطين فنحن نعني شعب فلسطين في الداخل كما في المنافي والشتات. أي نحن نتحدث عن الهيكل أو الشخصية المعنوية التي تمثل أكثر من أحد عشر مليونا هم مجموع شعب فلسطين. الهياكل الحالية للمنظمة ـ والسلطة والحكومتان في «القطاع» كما في رام الله ـ لا تملك أحقية تمثيل الشعب الفلسطيني.
يقال ان إمكانية ان تجرى انتخابات فلسطينية تشمل كل أماكن وجود الفلسطينيين في الشتات أمر شبه مستحيل. هناك دول ترفض ـ من موقع السيادة ـ إجراء انتخابات للفلسطينيين المقيمين في هذه الدول. هذا عذر غير مقبول، فالغالبية من أبناء فلسطين في الشتات يمكنهم أن يمارسوا الانتخاب أو انتخاب من ينوب عنهم في المجالس الشعبية ومنظمات المجتمع المدني اذا تعذر فعلا إجراء انتخابات عامة.
المجلس الوطني يفترض ان يمثل أقوى سلطة تشريع فلسطينية، وهو القادر على اتخاذ ورسم السياسات لتقوم الجهات التنفيذية الفلسطينية بإنفاذها.
ان الحديث اليوم عن المصالحة يجب أن يركز على الوحدة الوطنية الفلسطينية التي يمكن أن يجسدها على أرض الواقع مجلس وطني منتخب ليقال انه الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني. الحديث عن المصالحة يعني اول ما يعني إنهاء الانقسام الحاصل منذ ست سنوات عمليا في الساحة الفلسطينية، وهو انقسام سياسي أكثر منه انقساما شكليا. ولكي ينتهي الانقسام يجب ان تستعاد ورقة الوحدة الوطنية التي يجب ان يجسدها مجلس وطني فلسطيني حقيقي منتخب.
ينبغي قبل كل شيء ان تحدد مهام المجلس الوطني المنتخب، ومن أولوياته ان يعيد النظر في الميثاق وان يعيد الى الميثاق ما أجمع عليه الشعب الفلسطيني من ثوابت (حق العودة والقدس والدولة على كامل الثرى الفلسطيني) وحقه في مقاومة الاحتلال.
هل يمكن ان تمضي مسيرة المصالحة الى ان تشمل حقا إجراء انتخابات لمجلس وطني يمثل بشرعيته الشعب الفلسطيني في كل مكان؟ هذا السؤال يجد جوابه في الإجراءات التنفيذية الخاصة بتحقيق المصالحة أو الوحدة: على أي أسس ووفق أي برنامج سياسي؟ كما ان احتمالات فشل جهود المصالحة قائمة ما دامت السلطة تراهن على المفاوضات. ولنلاحظ المعادلة الآتية: كلما لاح في الأفق ما يمكن ان يؤدي الى استئناف المفاوضات تراجعت فرص تحقيق المصالحة أو الوحدة والعكس صحيح، أي كلما نأت فرص عودة التفاوض كلما كثر الحديث ونشطت الحركة في اتجاه الوحدة، أو ما أصبحنا نتحدث عنه من دون حرج لنقول المصالحة.