انتقادات إسرائيلية لأوباما
تعرض أوباما لموجتين من الانتقادات في التحليلات والتقارير الإسرائيلية خاصة في المواقع المرتبطة بأجهزة الاستخبارات. جاءت الموجة الأولى عندما أشيع أن الضربة العسكرية الأميركية لسوريا على وشك الحدوث، وجاءت الثانية بعد أن تعطلت الضربة وقرر أوباما اللجوء للكونجرس لطلب التفويض. والسبب الواضح للموجة الأولى هو خشية أصحاب التحليلات من أن تؤدي الضربة إلى تقويض النظام السوري وفتح الطريق أمام تنظيم «القاعدة» وحلفائه وأشباهه للاستيلاء على الحكم في دمشق، وإقامة نظام حكم متطرف في ثياب إسلامية إلى جوار إسرائيل! في هذه الموجة اتهم المحللون الإسرائيليون أوباما بأنه مسؤول عن تدمير وضع أميركا كقوة عظمى ليس فقط في الشرق الأوسط، ولكن في أوروبا أيضاً. وأخذوا على أوباما أنه منذ جاء للسلطة اعتمد مبدأ التراجع العسكري وسحب القوات الأميركية من كل من أفغانستان والعراق، وهو ما أدى من وجهة نظر هؤلاء المحللين إلى تنامي خطر تنظيم «القاعدة» من جديد. وانتقدوه أيضاً لأنه تحالف مع «الإخوان المسلمين»، ولأنه ترك حليفين مهمين للولايات المتحدة يسقطان ليحل «الإخوان» وحلفاؤهم مكانهما، والمقصود مبارك والقذافي. وإجمالاً يمكن القول إن المحللين الإسرائيليين كانوا يخشون عندما لاح أن الهجوم قد أوشك أن يسقط نظام الأسد الجار الذي لم يتعرض لإسرائيل بطلقة واحدة منذ انتهاء حرب أكتوبر على رغم بقاء الجولان تحت الاحتلال. وعندما صوت مجلس العموم البريطاني برفض مشاركة بريطانيا في العملية العسكرية اعتبر المحللون الإسرائيليون أن أوباما هو المسؤول أيضاً عن تدمير وضع أميركا في أوروبا هي الأخرى.
أما في الموجة الثانية من الانتقادات فقد قال المحللون الإسرائيليون إن مصادرهم في الحكومة والجيش الإسرائيليين قد أخبرتهم سراً بأن أوباما لم يُخطر نتنياهو مبكراً بقرار تأجيل الضربة قبل الإعلان عن ذلك، وتركه يواصل حشد قوات من الاحتياط تأهباً لاحتمالات هجوم سوري على إسرائيل كرد فعل للضربة الأميركية. وهنا تصاعدت أصوات الشكوى من افتقاد التنسيق بين الجيشين الأميركي والإسرائيلي، وبدأ حديث غاضب أن أوباما ترك إسرائيل وحدها في مواجهة التهديدات القادمة من سوريا و«حزب الله».
لقد أسر أحد كبار المسؤولين لموقع «ديكا» الإخباري التحليلي بأن تأجيل الضربة الأميركية فجأة قد غير قواعد اللعبة في الشرق الأوسط، وفي العلاقات بين أميركا وإسرائيل، وذلك لأن أصابع الجيش الإسرائيلي كانت على الزناد تأهباً للمعركة، وفجأة جاءت يد أوباما لتوقف وضع الاستعداد هذا. وهنا نفهم أن المسؤولين الإسرائيليين منزعجون لغياب خطة أميركية لمواجهة الاستخدام واسع النطاق للأسلحة الكيماوية من جانب نظام الأسد، ويعتبرون أن الهجوم على الغوطة ينذر بمخاطر شديدة على أمن إسرائيل، والأهم أنهم يتوقعون أن يبادر السوريون و«حزب الله» إلى شن هجوم على المواقع والمدن الإسرائيلية قبل أن ينتهي الكونجرس من اتخاذ قراره. وأعتقد أن الإسرائيليين يحاولون دفع أوباما إلى التواجد العسكري القوي في المنطقة بشرط أن يؤدي هذا التواجد لإضعاف «القاعدة» وليس نظام الأسد وحده.