تغريدة نتنياهو.. أدنى مستويات التخاطب الدولي

بقلم: 

عُرف السيناتور الأميركيّ الراحل وليام فولبرايت الذي كان رئيساً للجنة العلاقات الخارجيّة، بميوله الليبراليّة وبصراحته في وصف ما هو خاطئ، وهو ما كان يعتبره «تعجرف القوّة».
وينطبق هذا التعبير اليوم على سلوك رئيس الحكومة الإسرائيليّة بنيامين نتنياهو، الذي يحاول حشد الجهود لمواصلة العقوبات على إيران. فقد كتب نتنياهو على موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي أنّ «إيران راكعة اقتصادياً، ومن الممكن إبرام صفقة أفضل. قبل تخفيض العقوبات، أبرموا صفقة جيّدة، لا صفقة سيّئة».
بهذا نطق صاحب القرار!

هل ينكر نتنياهو أنّ رئيساً أكثر انفتاحاً وليبراليّة وصل إلى سدّة الحكم في إيران، وأنّ القوى العالميّة الستّ على وشك إبرام صفقة قد تؤدّي إلى رفع محدود جداً للعقوبات؟ هل رفع العقوبات الجزئيّ للتخفيف من حدّة العقوبات الاقتصاديّة الصارمة، فرصة لنتنياهو لتقرير نتيجة المفاوضات؟ هل يستخفّ نتنياهو باستجابة إيران للكثير من اقتراحات القوى الستّ، بما في ذلك تقرير الوكالة الدوليّة للطاقة الذريّة؟

في 15 تشرين الثاني الجاري، ذكرت وكالة «رويترز» أنّ التقرير الفصليّ للوكالة الدوليّة للطاقة الذريّة أشار إلى أنّ «إيران أوقفت تقريباً الزيادة المتسارعة في قدرتها على تخصيب اليورانيوم منذ تولّي حسن روحاني الرئاسة (...)». من البديهيّ أنّ فرض مزيد من العقوبات قد يؤدّي إلى انهيار المفاوضات وإلى ترجيح قيام نزاع. هل هذا ما يريده نتنياهو؟ هل يطعن بصحّة الاستنتاجات التمهيديّة التي تمّ التوصّل إليها لاستئناف المفاوضات في جنيف الأسبوع المقبل؟
إيران «راكعة». إنّ هذا التعبير المحِطّ لا يستعمله حتى أعداء إيران لوصفها أو وصف أيّ بلد آخر في العالم. في الواقع، إنّ إذلال نتنياهو الشفهيّ المتعمّد لإيران وضغطه على الكونغرس الأميركيّ للاستمرار في العقوبات، لا يخدمان مصالحه الشخصيّة فحسب بل هما أيضاً محاولة جدّية لإعاقة التوصّل إلى اتفاق من شأنه أن يحقق أهداف الدول الخمس دائمة العضويّة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بالإضافة إلى ألمانيا. فهذا الاتفاق إذا نجح، قد يخفف من حدّة التوترّات الإقليميّة ويعزّز الليبراليّة النامية في عهد الرئيس روحاني. إنّ إذلال أيّ بلد بطريقة علنيّة هو بلا شكّ مرادف لـ«تعجرف القوّة» الذي وصفه السيناتور فولبرايت.

على الرغم من أن عدداً كبيراً منا يعارض إيران وينتقد أحياناً سياساتها، إلا أنّ ذلك لا يجيز عند التخاطب الدولي وصف بلد بأنه «راكع». فهذه طريقة فظّة للسعي إلى وقف عمليّة تفاوض. آمل أنّ هذه المحاولة الاستفزازيّة لن تؤدّي إلى تعطيل المفاوضات المنتظرة في جنيف الأسبوع المقبل.

في هذا السياق، إنّ محاولة إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما تحقيق أهداف المجتمع الدوليّ في ما يتعلّق بتجاوب إيران، ستضمن بحسب ما يُؤمل نجاح مفاوضات جنيف.
أنا واثق من أنّ الدول دائمة العضويّة في مجلس الأمن بالإضافة إلى ألمانيا لن تخرج عن مسارها في سعيها إلى المفاوضات. وإذا كانت حصيلة المفاوضات موثوقة ومرضية، فمن شأنها أن تؤدّي بشكل أو بآخر إلى نتيجة سلميّة وملائمة للجميع.

المصدر: 
السفير