مزيدا من الحصار: حظر التحويلات المالية للفلسطينيين في سوريا
لا يكتفي النظام السوري بحصار المخيمات الفلسطينية جنوب دمشق ومنع الطعام والدواء عنها وحتى تحويل خيار الخروج منها للهروب من القصف المستمر عليها منذ أكثر من ثلاثة أشهر إلى سبب اضافي للموت، اذ تدخل استراتيجية القمع لديه الآن مرحلة جديدة ليحاصر من خرج من هذه المخيمات إلى مناطق أكثر أمناً داخل دمشق، من خلال منع الفلسطينيين من تسلم الحوالات المالية التي تأتيهم من خارج سوريا.
اليوم أصبح على الفلسطيني اللجوء إلى كفيل سوري أو إلى أي مواطن سوري يثق به لتحول إليه الأموال. القرار لم تظهر منه أي نسخة مكتوبة حتى الآن، وتم إبلاغه الى وكالات التحويل من قبل الأجهزة الأمنية.
يقول مدير إحدى محلات الصرافة والتحويلات، ويدعى أبو حسام، إن اتصالاً هاتفياً جاءه من قبل ضابط من فرع الأمن العسكري وقد كانت الأوامر بإيقاف جميع الحوالات القادمة للفلسطينيين، فبادره أبو حسام بالسؤال، هل يشمل القرار الفلسطيني السوري الذي يعامل بالمثل، فأجابه المتصل، جميع الفلسطينيين من دون استثناء.
بالفعل، هذا ما حصل مع عدد من الفلسطينيين الذين ذهبوا لتسلم حوالات مرسلة لهم من الخارج وعندها تم إبلاغهم من قبل مكاتب التحويل أن هناك قراراً يمنع تحويل الأموال للفلسطينيين في سوريا.
ما الذي يبرر هذا القرار الذي يحرم الفلسطينيين من الصمود بوجه الأوضاع الاقتصادية والأمنية والسياسية السيئة التي تعيشها سوريا، وخصوصاً أن غالبية الفلسطينيين، وحتى السوريين أصبحوا يعتمدون على المساعدات الخارجية سواء من أقارب لهم خارج سوريا أو من منظمات دولية، وخاصة أن البطالة تجاوزت 70 في المئة، في ظل الأوضاع الحالية حسب إحصائيات هيئة الأمم المتحدة.
سلام شحادة، وهي أم لأربعة أولاد، لا تعلم ماذا تفعل بعد هذا القرار، تقول "منذ سبعة أشهر أعتمد على المبلغ الذي يرسله لي أخي من ألمانيا، وأنا لا أعرف سوريين أثق بهم".
قرار النظام الأخير، يعيد إلى الأذهان سياسات التمييز العنصري الاسرائيلي او التي كانت تمارس في جنوب إفريقيا، ولكنه هذه المرة يمارس من قبل نظام يعتبر القضية الفلسطينية قضية محورية وغالباً ما كان وما يزال يتغنى بأنّها قضيته المركزية بينما على الأرض يحاصر أهلها ويدفعهم للموت.
قبل أيام، سجلت أول حالة انتحار في مخيم اليرموك. الشاب مازن العسلي 18 عاماً وجد ميتاً بعد أن قام بخنق نفسه. ونقلاً عن والدته أقدم مازن على الانتحار بعد عجزه عن تأمين الطعام لأمه وأخواته.
أبو محمود، أحد سكان المخيم، يعود كل يوم إلى المنزل بعد قضاء نهاره في البحث عن بعض الطعام لسد الأفواه الجائعة لأولاده الذين لم يتناولوا سوى وجبة واحدة منذ يومين. هذه المرة، لم يعد خالي الوفاض بل أحضر معه كمية من الشاي، وبعض بزور عباد الشمس.ما أن سمع الأولاد عن وجود شاي حتى تجمهروا حول النار الموقدة على الحطب في انتظار غليان الماء للحصول على كوب ساخن، ولا سيما أنهم قد بدأوا ينسون مذاقه، فهم منذ أشهر لم يحصلوا على هذا الامتياز سوى مرات قليلة.
يقول أبو محمود "صحيح هي مرات قليلة ولكن أفضل من لا شيء، ويتابع حديثه لـ"المدن" قائلاً "إلا أن المزعج بالموضوع أن تشرب الشاي بدون سكر". سعر كيلو السكر يصل إلى 5 ألاف ليرة سورية، هذا في حال توفره.
فهل هو تضييق الخناق على اللاجئين لمغادرة سوريا في سياق مساومات سياسية تتعلق بالصراع مع العدو الإسرائيلي، أم أن المسألة تتعلق بممارسات ثأرية لا أكثر من قبل بعض أطراف الأجهزة الأمنية؟