"إتفاق إطار" أم فشل آخر؟

بقلم: 

التصميم الأميركي على الوصول إلى اتفاق فلسطيني – إسرائيلي، ولو بصيغة "إتفاق إطار"، يبدو غير متناسب مع السياسة الأميركية نفسها في ملفات الشرق الأوسط الأخرى، من أفغانستان الى مصر.

فالطابع الأساسي لهذه الإدارة كان، ولا يزال، التعايش مع الأزمات وممارسة أدنى جهد للتأثير في مسارها. حتى أفغانستان، الإنجاز الأميركي الأكبر بعد "11 أيلول 2001"، تبدو في طريقها للعودة الى أحضان "طالبان"، باتفاق أميركي مع كرزاي أو بدون إتفاق. والمثال السوري على ترك الأزمات تحلّ نفسها بنفسها تأكيد أخير لسلسلة من المواقف الانسحابية من الشرق الأوسط، فلماذا الإصرار على حلّ القضية الأصعب، قضية فلسطين؟

ربما يكمن الجواب في أن الموارد الي توظّفها الإدارة الأميركية في هذا المسعى محدودة جدا مقارنة بما هو مطلوب في ملفات أخرى، أو ربما يكون الجواب في أن هذه الإدارة التي تعوّدت الفشل في أكثر من أزمة تعتبر أرباح النجاح تفوق بكثير خسائر الفشل.

أما إذا اردنا ان ننسب لهذه الإدارة حسابات استراتيجية أبعد، فربما نجد أنها تستتثمر واقعا إستثنائيا في علاقة القضية الفلسطينية بالعالم العربي، واقع انعدام الـتأثير العربي، سلبا أو ايجابا، على ما يجري في فلسطين. وهذا ربما يجعل هذه السلطة الفلسطينية، الأكثر انكشافا أمام الضغوط الأميركية.

لا نستطيع في المقابل اعتبار أن إدارة أوباما ترى في وجود نتنياهو على رأس الحكومة الإسرائيلية فرصة. فتاريخه تاريخ تخريب إتفاقات يتوصّل إليها آخرون، لا إنجاز إتفاق باتخاذ "قرارات شجاعة". كذلك فإن المشهد الإسرائيلي الداخلي يفتقد منذ زمن طويل الخلافات الحادة بين معسكرين لديهما رؤية مختلفة لمستقبل إسرائيل. والقضية الخلافية الأكثر إلحاحا هي طريقة إدارة العلاقات مع الولايات المتحدة، لا العلاقة مع الفلسطينيين والعرب عموما.

هل يستطيع الرئيس الفلسطيني ان يتحمّل مسؤولية "القرارات التاريخية" المطلوبة منه لإقناع نتنياهو بالتوقيع؟ أم أن ضعف موقع السلطة الفلسطينية، سيقنع الإدارة الأميركية، الضعيفة أصلا، بانتزاع إتفاق يميل لمصلحة القضية الفلسطينية من مفاوض مراوغ كنتنياهو؟ الأنسب إعتبار أن الاطراف الثلاثة التي تخوض غمار المفاوضات تفعل ذلك وعينها على ما بعد إعلان الفشل في التوصل إلى إتفاق. فالطرف الفلسطيني يتوق الى استثمار موقع الدولة غير العضو في الأمم المتحدة لتسليط ضغوط دولية حقيقية على إسرائيل المرشحّة لاحتلال الموقع السابق لدولة جنوب أفريقيا العنصرية. وإسرائيل تحضّر نفسها للدفاع ببعث الحجة التقليدية حول تفويت الفلسطينيين الفرص التاريخية، خصوصا إذا انهارت المحادثات حول قضية اللاجئين. وإدارة أوباما تحضّر للقول إنها بذلت أقصى الجهود ورغم الفشل جعلت "التسوية" تتقدم خطوات الى الأمام.