علامات على الطريق - القدس في ذروة الاشتباك وحيدة!!!

بقلم: 

دون مجاملات, ودون تفسيرات زائفة, فإن القدس التي هي جزء من عقيدتنا الإسلامية بصفتها القبلة الأولى, وبصفتها موقع الإسراء والمعراج, وبصفتها حاضنة المسجد الأقصى, وبصفتها أحد أبرز عناوين الصراع الحضاري بينا وبين أعدائنا, هي اليوم في ذروة الصراع والاشتباك, صراع الحياة أو الموت, وهي في هذا الصراع والاشتباك وحيدة, وحيدة تماما, وأنها بإستثناء أهلها وشعبها الفلسطيني لا تلقى من النظام الإقليمي العربي ولا من منظمة العمل الإسلامي بكل دولها الحد الأدنى للحد الأدنى من الدعم والاهتمام والجهد, وأن مخطط التهويد والأسرلة الذي يستهدف القدس على يد اسرائيل وحلفائها يندفع بقوة هذه الايام في سباق خطير جدا مع الزمن, لأن اعداءنا الذين هم أعداء القدس والطامعين فيها يقرأون الخارطة ويساهمون في صنعها وإبقائها على حالها أو جعلها أكثر سوءا لكي يجهزوا على القدس ولكي يلحقوا الهزيمة بهدة الامة العربية الإسلامية في روحها, وعقيدتها وميراثها الحضاري, ويأخذون منها جوهرتها ولؤلؤة عصورها, ويتركونها هكذا مثل أقفاص فارغة بلا قلب ولا روح.
ودون شك, فإن فصائل الإسلام السياسي جميعها بلا استثناء متواطئة ضد القدس في الماضي وفي الوقت الحاضر, لأن فصائل الإسلام السياسي تذهب برضى وطيب خاطر الى المعارك الأصعب والأكثر خسارة وبشاعة مثلما يريدها الآخرون أن تفعل, ولكنها لاتفعل للقدس شيئا على الإطلاق, ومهما كان المطلوب سهلا او بسيطا, وأن المعارك التي تنخرط فيها فصائل الإسلام السياسي ابتداءً من جماعة الاخوان المسلمين وتنظيمها الدولي, وصولاً الى داعش التي تستقطب الآن كل الدعاية والاهتمام, وبقية التكوينات السياسية الإسلامية الأخرى من أطراف الجزائر إلى الكويت, ومن إيران والعراق الى نيجيريا, بكل أسمائها ومسمياتها, غارقة الآن في معارك وأجندات لا تنتمي الى القدس باي صلة, بل هي عبء على القدس, وخيانة لها, وتفريط بها, وتقاعس بشأنها يصل الى حد العار والجريمة.
إسرائيل تقرأ المشهد, وتشارك في صنعه على نحو ما, وحلفاء إسرائيل الذين يريدون خارطة الشرق الاوسط الجديد تحت قيادة اسرائيل ويقرأون المشهد ويساهمون في صناعته, ويتيحون لإسرائيل من خلال مفردات احتلالها الغاشم أن تنجز مشروعها في التهام القدس, واسرائيل تسير بخطوات لا يعترضها احد, تقضم ثم تهضم وهكذا في طريق متسارع والقدس تصارع وتشتبك بكل ما أوتيت من قوة ولكن لا يصل اليها أي مدد على الإطلاق في معركة الحياة والموت.
من اجل القدس, يجب أن نخرج فلسطينيا من الحالة البائسة التي وصلنا إليها, ومن الحفرة التي وقعنا فيها بعيون مفتوحة, وهي حالة الانقسام وحفرة الانقسام, لأن جميع الاطراف على الصعيد الاسرائيلي وغير الاسرائيلي تعفي نفسها من المسؤولية من خلال توجيه التهمة الى وضعنا الفلسطيني الشاذ, وضع الانقسام, الذي كلما تقدمنا خطوة عدنا للتدهور ثم التباحث والحوار والتفاوض من جديد وكأننا عاجزون عن مغادرة نقطة الصفر، وإسرائيل لا تريدنا أن نتفرغ للقدس, ولا تريدنا أن نصل الى حالة من الجاهزية لحماية القدس, فهى تدفعنا الى معارك طاحنة اخرى ليست مثل الحرب المدمرة في غزة التي يجب ان نتوحد لكي نمحوا اثارها, والعلامات كلها هشة بما فيها حوارات الاربعاء والخميس التي جرت في القاهرة مؤخراً, فما زالت الصيغ مائعة والالتزامات ليست واضحة والحفر تملأ الطريق، فكيف نساعد القدس ونحن لا نتفق على شيء, وإذا اتفقنا لا نخلص في تنفيذ اتفاقاتنا, ونبتز بعضنا بينما الاحتلال الاسرائيلي يتقدم في مشروعه الشامل؟ وكيف نستطيع ان نستفز العالم العربي والاسلامي ايجابيا للالتفات الى معركة القدس ونحن مازلنا نتربص بوحدتنا؟
القدس في ذروة اشتباكها وحيدة, تحتاج الى كل شي ولكن أمتها هاربة الى اي شي ماعداها, وليس ثمة من امل سوى ان يتقدم الفلسطينيون الصفوف, لصياغة حالة جديدة, سقف سياسي يحتشدون تحته, وهدف وطني ينتمون اليه لكي يساعدوا القدس التي هي الآن في ذروة الاشتباك.