استراتيجية أميركا: احتلال القرن الحادي والعشرين

بقلم: 

ان فترات عدم الاستقرار في تاريخ العالم والامم والشعوب هي فترات مواتية ومناسبة جدا، بل وفاتحة للشهية لإجراء التغيرات السياسية والجيوسياسية التي تخدم اللاعبين المتعددين كل حسب اهدافه ورؤاه الاستراتيجية؛ والمنطقة حاليا في لحظة تغير جيواستراتيجي وجيوسياسي معا؛ يزيد احكام الغرب والصهاينة عليها ما لم يفهم اللاعبون المحليون (اهل المنطقة) الابعاد الخطيرة التي يخطط لها الصهاينة والغرب في المنطقة، وقد نجح الصهاينة في استعداء اوروبا والانظمة العربية على الاسلام السياسي؛ واشعال حرب حامية الوطيس على جبهات ومستويات عديدة لإرهاق الامة وتفتيتها، كما نجح اليهود في خلق بيئة أوروبية واقليمية معقدة ومتناقضة تصب نتيجة تقاطعاتها في مصلحتهم.

ان النجاح في المهمة اعلاه يحفز الصهاينة على فتح جبهة جديدة في اوروبا؛ خصوصا في وقت تتنامى فيه تيارات اوروبية عنصرية معادية بشدة للعرب والمسلمين، وبالتالي ينبغي الحذر الشديد من مغبة السماح للصهاينة بالنجاح في هدفهم؛ وهذه يجب ان تكون مهمة مشتركة بين عقلاء وحكماء الغرب والمسلمين في الغرب والشرق معا.

لقد بلغت قلوب اليهود حناجرهم مع الثورات العربية خوفا من المارد القادم الذي يجتاح المنطقة؛ الامر الذي جعل مطابخهم الاستراتيجية تعمل في اتجاهين: الاول نحو اعادة انتاج او تدوير البيئة الاستراتيجية الى ما كانت عليه قبل الثورات؛ والثاني نحو خلق بيئة استراتيجية جديدة وكانت حسابات تكلفتها المالية والاستراتيجية عالية جدا؛ وتم تفضيل الاتجاه الاول لكونه اقل تكلفة من نواح عديدة؛ وتمثل بالثورات المضادة التي تهدف الى ضرب ابناء الشعب الواحد في بعضهم البعض؛  لكن ما زالت شهية اللاعبين الدوليين والاقليميين خصوصا اميركا وحلفاءها في المنطقة مفتوحة لتحقيق هدف واحد وهو احتلال المنطقة و الهيمنة عليها لقرن قادم من الزمان؛  وسط بيئة يسودها عدم الاستقرار من خلال العمل على مزيد من التفتيت والتفكيك للهياكل السياسية والادارية والاقتصادية والاجتماعية القائمة؛ من اجل اعادة بلورتها واستبدالها بما يخدم المصلحة الغربية.

بالرغم من الخطط التي ترسم ضد المنطقة من قبل الصهيونية والغرب معا ؛ نستطيع القول مهما بلغت قوة الصهيونية واللاعبين الخارجيين ؛ فإن التاريخ يعلمنا ان اللاعب المحلي هو الاقوى دائما؛  وأن الغرباء هم حتما الى خروج من سبل متعددة؛ لكن حكمة التاريخ هذه لا ينبغي ان نتركها تعمل بانفراد؛ فالتاريخ لا يصنع الامم ؛ بل الامم الواعية هي التي تصنعه وتمكن له؛ خصوصا في اللحظات المطاطية التي يسهل فيها تشكيل عجينة التاريخ ؛ وهي فترات عدم الاستقرار التي يصر اللاعبون على زج المنطقة في أزمات ومشاكل متتالية خلال ثلاث أو خمس سنوات مقبلة على ادنى تقدير.