أجهزة الرقابة الداخلية في الوزارات الفلسطينية ودرجة فاعليتها

بقلم: 

تعتبر أجهزة الرقابة الداخلية من الأركان الحديثة للإدارة العامة في العصر الحديث ومن العناصر المهمة في العملية الإدارية كون هذه الأجهزة الرقابية أداة تعمل على تحديد وقياس درجة أداء المنظمات الحكومية والخاصة في تحقيق أهدافها، وتعد الرقابة الداخلية من الدعائم الأساسية التي تساعد مؤسسات الدولة في القيام بواجباتها وإلتزاماتها على أكمل وجه، كونها تعمل على المحافظة على سلامة أموال المؤسسة وحماية أصولها وكذلك تساعد في اتخاذ القرارات والتخطيط وتقويم الأداء وحسن الاستثمار للموارد المتاحه والتوجيه الأمثل لها.

وتتسم الرقابة الداخلية بأنها رقابة ذاتية كونها تمارس من إدارة التنظيمات نفسها لكي تقوم بمراقبة أدائها وتقدير إنجازها في ضوء المقاييس والمعايير المحددة التي تضعها الإدارة لنفسها. ويمكن أن تحقق الرقابة الداخلية نتائج أكثر فعالية لا تستطيع الأنواع الأخرى من الرقابة تحقيقها لأنها أكثر خبرة ومعرفة من غيرها بأخطاء المنظمة وأقدر على تصحيحها.

نتيجة التطور المتلاحق الذي تمر به المؤسسات الحكومية الفلسطينية ودخولها عصر العولمة وتشابك المصالح، كان لا بد من وضع أجهزة رقابة داخلية تحكم وتنظم عمل هذه المؤسسات حتى تستطيع تحقيق أهدافها الخاصة والعامة.

ونظراً إلى أهمية الرقابة الداخلية فقد تبنت الإدارة الفلسطينية في مختلف وزاراتها ووحداتها إدخال الرقابة الداخلية ضمن هياكلها التنظيمية.

وحتى تتمكن الوزارات الفلسطينية في تحقيق التنمية المجتمعية لكافة أفراد الشعب بالأبعاد الإقتصادية والإجتماعية والسياسية والإدارية، فهذا يتطلب وجود أجهزة رقابة تمتاز بالكفاءة والفاعلية العالية التي تساعد في تحقيق الظروف والمستلزمات التي تحتاجها عملية التنمية وتدعم خططها لتحقيق أهدافها.

من خلال النظر إلى الحالة الفلسطينية والتطور المتلاحق الذي بنيت فيه مؤسسات الدولة الفلسطينية منذ بدأ عمليات أجهزة الدولة الإدارية وحتى يومنا هذا، تعتبر الوزارات الفلسطينية أحد أهم القطاعات التي تشكل جزء من الأجهزة الإدارية التي تقوم عليها عمليات التنمية والتطوير، ولكن بينت تجربة الحكومة الفلسطينية خلال السنوات الماضية وجود العديد من مظاهر الخلل وسوء الإدارة وما نتج عنها من تجاوزات مالية وإدارية كشفت عنها تقارير ديوان الرقابة المالية والإدارية والهيئة العامة للرقابة، بالإضافة إلى زيادة الشكاوي من قبل المواطنين عن الخدمات التي تقدمها الوزارات الفلسطينية.

ويرى الباحث بأن هناك ضعف في أنظمة الرقابة الداخلية ومقوماتها الأساسية في القطاع الحكومي الفلسطيني، والذي يتمثل في ضعف المساءلة والمحاسبة والإزدواجية في الصلاحيات وتعدد وتقادم القوانين والأنظمة والتشريعات كان أحد الأسباب الرئيسية لسوء الإدارة والتسيب المالي والإداري وغيرها من المظاهر السلبية للقطاع الحكومي الفلسطيني.

ومن خلال الدراسة التي أجريتها على "تقييم فاعلية الرقابة الداخلية في الوزارات الفلسطينية"  تبين بأن الرقابة الداخلية فاعلة وتحقق أهدافها بدرجة متوسطة وبنسبة (66.6%). كما وتبين بأن المعوقات التي تحد من فاعلية الرقابة الداخلية تقادم وتعدد القوانين والتشريعات واختلافها، إضافة إلى قلة أعداد الموظفين العاملين في وحدات الرقابة الداخلية.

وفي ضوء النتائج قدم الباحث مجموعة من التوصيات التي من شأنها تعزيز الرقابة الداخلية في الوزارات الفلسطينية وتطويرها وهي:

1. ضرورة أن تولي أجهزة الرقابة في الوزارات الفلسطينية الإهتمام اللازم لأنظمة الرقابة الداخلية من خلال التركيز على العوامل التي تؤثر في فاعلية الرقابة الداخلية، وزيادة الإهتمام بتقارير وتوصيات وحدات الرقابة الداخلية.

2. العمل على الإهتمام بالكادر البشري باعتباره ركيزة أساسية لعمل وحدات الرقابة الداخلية في الوزارات الفلسطينية، وذلك من خلال زيادة أعداد الموظفين العاملين في مجال الرقابة الداخلية.

3. تحديث وتطوير الوسائل والأساليب الرقابية المستخدمة في الوزارات الفلسطينية، والعمل على إصدار قوانين وتشريعات رقابية جديدة وحديثة تنظم العمل الرقابي فيها.