عباس يرتب أوراق الرحيل.. ويفتح حلبة الصراع‎

بقلم: 

"رحيل عباس" العنوان البارز في وسائل الإعلام المحلية والإسرائيلية والإقليمية أيضاً، في ظل التحركات السياسية التي تشهدها منظمة التحرير وحركة فتح وليس أخيراً السلطة الفلسطينية، والتي يترأسها كلها محمود عباس "أبو مازن" منذ وفاة الرئيس الراحل ياسر عرفات، وبعد انتخابات جرت عام 2005 تولى خلالها الرئاسة الفلسطينية.

فالتكهنات والشكوك تدلل على وجود طبخة داخل المطبخ السياسي في رام الله حيث مقر الرئاسة، بالإضافة إلى عدد من الدول الإقليمية في مقدمتها مصر والإمارات والأردن وبعض من الدول الخليجية التي تلتزم الصمت حيال ذلك، للبحث عن خليفة للرئيس عباس يتصدر مشهد القيادة.

"شمس نيوز" اطلعت على نقاشات تجري في رام الله، أكدت في مجملها نهاية حقبة الرئيس عباس، وأنه تسلم قرارا أمريكيا بانتهاء خدماته في رئاسة منظمة التحرير والسلطة ومشروع أوسلو "للتسوية"، مع السماح له بترتيب خروج آمن بما يشبه "مكافأة نهاية الخدمة".

وهو ما أكدته واختصرته مصادر واسعة الاطلاع على ما يجري في دهاليز السياسة الفلسطينية هذه الأيام، وسط احتدام النقاش عن تحضيرات لتغييرات وشيكة على مستوى الهرم القيادي.

وأفادت صحيفة الحياة اللندنية، نقلا عن مسؤول فلسطيني رفيع المستوى، أن محمود عباس سينسحب تدريجيا من رئاسة السلطة الفلسطينية ورئاسة منظمة التحرير وحركة فتح.

ونقلت أيضاً أن عباس سيتخذ هذه الخطوات بعد إعادة بناء مؤسسات الشعب الفلسطيني عبر إجراء انتخابات للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وللجنة المركزية لحركة فتح ثم للسلطة الفلسطينية.

الاحتلال وريثه

أسماء عديدة رشحتها وسائل الإعلام لخلافة عباس في منصبه هذا، ومنهم د. صائب عريقات وهو الأكثر تداولاً وترشيحاً بعد أن عيّنه الرئيس مؤخراً أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، بديلاً عن ياسر عبدربه، إلا أن عريقات نفى بالقطع خلافته للرئيس عباس.

وأكد عريقات في مقابلة خاصة مع "شمس نيوز"، أن الاحتلال الإسرائيلي هو وريث الرئيس محمود عباس حال رحيله، مشيراً إلى أنه لا رغبة له ولا طموح لديه بذلك.

وأعرب عن اعتقاده أن البديل عن الرئيس عباس سيكون رئيس الإدارة المدنية الإسرائيلية، مستبعداً ترشيح نفسه في أي انتخابات رئاسية قادمة.

ما يدلل على عدم ترشيح عباس نفسه لأي من المناصب آنفة الذكر، إعلان بعض من مسؤولي فتح واللجنة التنفيذية للمنظمة بإبلاغ الرئيس لهم رغبته بعدم الترشح لانتخابات اللجنة التنفيذية.

وهذا ما كشفه عضو اللجنة المركزية محمد المدني حول إبلاغ أبو مازن للعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني بأن شرعيته القانونية "اهترأت"، وأن الحاجة ملحة لانسحابه من المشهد وترتيب الأوضاع بما يضمن عدم حصول صراع للحفاظ على وحدة حركة فتح ومؤسسات منظمة التحرير.

يضاف إلى ذلك ما نقله الإعلامي محمد حسنين هيكل على لسان بعض المسؤولين بأن رئيس السلطة الفلسطينية، أبلغ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بأنه سيستقيل من الحياة السياسية ويريد أن يصبح مواطنا عادياً.

كلام فارغ

كل التقديرات السياسية تذهب إلى وجود اتفاق إقليمي على ضرورة البحث عن نائب للرجل، يمهد لتوليته، تحديدًا في ظل ما سربته أوساط سياسية نافذة، عن تحركات واجتماعات شهدتها شرم الشيخ بحضور محمد دحلان القيادي الفتحاوي المفصول، وبحث سبل توليته الرئاسة خلفًا لعباس.

حيث يتميز دحلان بالحضور الدولي وبدعم عربي خاصة من الإمارات ومصر، ورغم مساعي عباس لإقصائه إلا أن ضغوطا أردنية ومصرية تدفع باتجاه تعزيز فرصه لتولي رئاسة حركة فتح.

ليصف القيادي المفصول عن حركة فتح، محمد دحلان في حديث خاص لـ"شمس نيوز"، الأحاديث التي تدور عن رحيل عباس بـ"كلام فارغ ومحض أوهام"، مبيّناً أن ما يتم عكس ذلك تماماً، "لأن الرئيس المنتهية ولايته يسعى لتعزيز سيطرته على كل المؤسسات الوطنية؛ بإقصاء أي صوت معارض أو معترض على نهجه السياسي المدمر أو على فساده".

ولفت دحلان الذي يقيم بدولة الإمارات، إلى أن ما يتم تداوله من ترشيحات إعلامية لخليفة عباس، وفي استطلاعات الرأي، انعكاس لقراءات عربية و دولية عن اقتراب نهاية عصر عباس، وهي قراءات تربك عباس و تثير هلعه، مضيفاً: وورود اسمي بشكل متكرر في تلك الترشيحات مصدر اعتزازي، ويلقي على عاتقي مسؤوليات تجاه البلد و الناس".

وأكد دحلان أن التقدم لانتخابات الرئاسة حق يكفله له القانون، و تكفله المواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات، مستدركا القول: إلا أنني حقيقة أميل بقوة إلى عدم الترشح والاكتفاء بدعم مرشح توافقي يلتزم ببرنامج وطني متكامل؛ هدفه إنهاء الاحتلال وتحقيق الاستقلال والكرامة الوطنية لشعبنا المعذب".

وتؤكد مصادر مقربة من الرئيس أن " هاجس دحلان" هو أحد المحركات الأساسية للتغييرات التي يسعى عباس لتحقيقها، فهو يفكر دائما كيف يقطع الطريق على عودة دحلان للمشهد في حالة حدوث فراغ سياسي، سيما وأن تقديراته الأمنية تشير إلى أن دحلان ما زال يحتفظ بثقل كبير في أوساط حركة فتح، وأن أي فرصة للفوضى ولو كانت بسيطة كفيلة بإعادته للمشهد والسيطرة على الضفة خاصة في ظل النفوذ الإقليمي الذي يتمتع به.

أسباب رحيله

تدور في الخفاء اتصالات في الغالب تجريها قيادات كبيرة في حركة فتح من تلك الساعية لولوج المعترك القيادي، أو من تلك الطامحة للبقاء في منصبها أو الخروج منه لمنصب أكثر تقدمًا، بحسب ما كشفته صحيفة "الرأي اليوم" اللندنية، فكثير من الشخصيات أغلبها "فتحاوية" طامعة بمنصب الرئيس.

المحلل السياسي، طلال عوكل لم يستبعد أن تشهد الأيام القادمة بمثل هذا الشيء "رحيل عباس"، منوهاً إلى عدة أسباب تعجل من رحيله.

وأوضح عوكل في حديثه لـ"شمس نيوز" أن السبب الأول، هو دخول الرئيس مرحلة تتجاوز الثمانين من عمره، بالإضافة إلى أنه في مدة حكمه التي تجاوزت العشر سنوات انسدت كل الآفاق في إمكانية إجراء انتخابات، مشيراً إلى أن هناك مرحلة سياسية تنتهي بالفشل وبالتالي هناك مسؤولية تستدعي أن تجد طريقة لإفساح المجال أمام استعداد جديد.

وأضاف: الطامحون لهذا المنصب أوسع من ذلك بطبيعة الحال، داخل المجلس المركزي لحركة فتح جبريل الرجوب، ومن خارجه محمد دحلان، الدائرة محصورة في فتح وليست مفتوحة على مرشحين محتملين من خارج الحركة".

ويعتبر محمود عباس الرئيس الثالث للسلطة الفلسطينية منذ 15 يناير من العام 2005، ولا يزال في المنصب على الرغم من انتهاء ولايته دستوريا في 9 يناير 2009، وكقائد لحركة فتح يعترف بوجود دولة إسرائيل، وبأحقيتها في الوجود على الأراضي التي احتلتها قبل العام 1967، ويشغل منصب رئيس اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية منذ 11 نوفمبر 2004 بعد وفاة زعيمها ياسر عرفات.