الاحتلال ليس شماعة!

بقلم: 

أظن بأن الكثير سوف يثور على ما أكتبه، ولكن في الكتابة لا مجامله ولا مداهنه، هكذا تعلمنا، وهكذا سنعمل.

في الآونة الأخيرة أصبحت الساحة الداخلية في المجتمع الفلسطيني سيئة للغاية، لنبتعد عن أفعال الاحتلال قليلاً، لرأينا العجب العجاب لأفعال قذرة بأيدي فلسطينية بحت.

قتلٌ ونهبٌ، سرقة واعتداءات، خيانة بشتى المظاهر والأماكن، من أعلى الهرم حتى القاع.

أصبحت حالات القتل الدموية لا تعد بالآونة الأخيرة، ولأننا لم نتعود قط على الموت بأيدي فلسطينية، تعودنا أن يرتقي الشهداء إلى العلا من خلال رصاص العدو لا الصديق والأخ.

ولا أريد أن نعلق كل أمر على شماعة الإحتلال، فهذه جملة جارَ عليها الزمن ومفعولها اندثر.

لنقرأ الساحة الفلسطينية بهدوء، سنجد أن المشاكل تكمن في أمرين، الأولى الخيانة، والثانية الأموال والمصالح.
كَثُر القتل تحت مسمى "القتل على خلفية الشرف"، ما أوسعها من جملة، وما أضيقه من تفكير، الخيانة للعائلة أو الزوج أو الزوجة حتى الابن والابنة، الكل خائن ومصير الخائن القتل إذا ثبت الإعتراف، وأبشع الخيانات وأعظمها هي خيانة الوطن.

والأمر الثاني الذي زاد القتل في المجتمع هي الأموال "المصاري" والمصالح الشخصية فكم من سرقة، ونهب أدت إلى القتل.

لكل فعل خارج عن القانون، عقاب من ذوي الإختصاص -المحكمة والشرطة- ولكن أن تصل الحال فينا أن نأخذ بأيدنا القانون فعلى الدنيا السلام، نحن ليس في غاب، حتى شريعة الغاب هناك من يحكمها بحق ويطبق شريعتها تحت بنود، لا أعلم بماذا أشبه ما نعيشه الآن وآخاف أن تأتي أيامٌ علينا أشد من هذه التي نعيشها الآن.

يجب أن نتوقف قليلاً عن كل شيء، ونتأمل ما يدور حولنا وندرسه بصمت! أيعقل هذا الذي يحصل، قتل أمام الجميع وفي وسط النهار في رام الله وجنين، وقتل في عتمة الليل في الخليل ونابلس، وحرق بيوتٌ ومصالح شخصية، طلاق وخيانات وسلب وواسطات وملفات فساد وابتزازات كثيرة لا تعدُّ ولا تحصى.

وعلى سبيل المثال، توجهتُ إلى المحكمة الشرعية لغرضٍ ما، وتناقشتُ مع أحد أصدقائي العاملين هناك، قال لي: " المطلقون أكثر من المتزوجون" ذهلت لما قاله!! ما الذي أوصلنا إلى هنا.. جميعنا نعلم لماذا، أكملت عملي ولتوقيع أوراقي ومن ثم ذهبت إلى محكمة البداية والصلح، هناك رأيت العُجاب، دعاوي ومحاميين وقضاة، وشعرت بأن كل الناس في المحكمة، ظننت أن المساجين أكثر من الذين يتنفسون الحرية.

إذا أردت أن تناقش أحداً بأحوال البلد، سيقول أول جملة هذا كله سببه الإحتلال، أظن أننا نمارس الإحتلال على أنفسنا أكثر من الإحتلال نفسه.
الإحتلال ليس شماعة لكي نعلق كل مساوئنا ومشاكلنا عليه.