اقتحامات الأقصى.. ألا تستوجب عاصفة حزم؟

بقلم: 

يوما بعد يوم تتصاعد وتيرة الاقتحامات والانتهاكات الإسرائيلية اليومية للمسجد الأقصى المبارك من عناصر الجماعات المتطرفة من قطعان المستوطنين تحت حماية شرطة الاحتلال ومخابراته على مرأى ومسمع من قادة المجتمع الدولي الظالم وسط تخاذل عربي مهين .

إن دولة الاحتلال تسابق الزمن لفرض واقع جديد في المسجد الأقصى، في محاولة لتقسيمه زمانا ومكانا بين اليهود والمسلمين مستغلة بذلك حالة الضعف والهوان العربي، والانقسام الفلسطيني الداخلي الذي ألقى بظلاله المأساوية على شتى مناحي الحياة بما فيها حماية الأقصى من الانتهاكات الإسرائيلية.

على مدار عقود من الزمن نسمع الزعماء والقادة العرب يرعدون ويتوعدون دولة الاحتلال بأقوى العبارات والخطب الرنانة بأن كافة الخيارات مفتوحة سوى الخيار "العسكري" للدفاع عن المقدسات الإسلامية في القدس.

وهنا نقول لهم إن دولة الاحتلال لا تخشى الخطب الرنانة والتهديدات الجوفاء، فهي تسير بخطى ثابتة ماضية في مخططها الخبيث، لتقسيم المسجد الأقصى زمانا ومكانا، ومن ثم يتسنى لها الأمر لإقامة الهيكل المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى لا سمح الله .

المؤامرة اليهودية ترمز إلى أبعد من حدود الزمان والمكان ; وتشمل آفاقا أوسع من ذلك، وتتضمن معاني أكبر من المعاني القريبة، فالتقسيم المكاني بمفهومه اليهودي هو تضييق الخناق على المصلين المسلمين، وحظر تواجد المرابطين في باحاته، ناهيك عن محاولة حصر المقدسات الإسلامية في (قبة الصخرة، والمسجد المرواني، وبعض المصليات الأخرى) والتي هي بطبيعة الحال أقل من ربع المساحة الحالية للمسجد الأقصى .

أما التقسيم الزماني فهو أخطر من ذلك بكثير، فالمؤامرة اليهودية تقتضي دخول المسلمين الأقصى في أوقات محددة ولا يحق لهم التواجد في غيرها، وبالتالي يحظر على المسلمين دخول الأقصى في  أوقات الأعياد اليهودية التي تتجاوز (100) يوم، علاوة على أيام السبت من كل أسبوع على غرار التقسيم الحاصل في المسجد الابراهيمي بالخليل .
 
ونحن نعيش اللحظات الأليمة والعصيبة للأمة الإسلامية، التي تنتهك فيه حرمات مقدساتها من قبل أشد الناس عداوة للذين آمنوا "يهود خيبر"، نقول عجباً لأمة لم تدرك المعنى الحقيقي لحادثة الإسراء بالنبي صلي الله عليه وآله وسلم من المسجد الحرام بمكة إلى المسجد الأقصى ببيت المقدس، والمعراج من بيت المقدس إلى السماوات العلى وسدرة المنتهى.

المولي عز وجل عندما ربط بين المسجدين في سورة عظيمة سُميت بسورة الإسراء أو "بني إسرائيل" لم يكن عبثاً، بل جاء لدلالة باهرة على مكانة وقدسية المسجد الأقصى عند الله تعالى، والعلاقة الوثيقة بينهما في القدسية والحماية من الأعداء .

هذا الربط الإلهي العقدي بين المسجدين يُوجب على المسلمين في شتى بقاع المعمورة الدفاع عن المسجد الأقصى وحمايته من الانتهاكات اليومية التي يتعرض لها صباح مساء على يد قطعان المستوطنين، وكأن الآيات القرآنية العظيمة في سورة الإسراء تهيب بالملوك والزعماء لتشكيل عاصفة " حزم" لنصرة الأقصى  .

في خِضًم تخاذل العرب والمسلمين عن نصرة القدس والمسجد الأقصى، الذين ما عادوا يتلون "سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله , لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير"، يبقي الأمل معقود بالمرابطين داخل باحات الأقصى الذين صدق فيهم حديث المصطفي صلي الله عليه وسلم "لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرينِ، لا يضرهم من خذلهم حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ" .