خيارنا انتفاضة

بقلم: 

وباء اسمه الاحتلال.. بين الهضاب وفوق التلال.. بين السهول وأعلى الجبال .. يجتاح أرضنا ومسرانا, فالقدس تهّود, والنازية والعنصرية تعم ال48, والضفة تُستوطن وتصادر أرضها, وغزة تحارب وتحاصر, والكل تجمعه الدماء, القتل شريعتهم ومنهجهم.. لا يحيدون, وما من سبيل آخر سوى سفك الدماء.. لا يتورعون, خيارنا انتفاضة, ووجهتنا انتفاضة, وسبيلنا انتفاضة, ولو غيبت الانتفاضة فستلد جيلا رابعا ليفجر انتفاضة أخرى, فقدرنا انتفاضة, ونهجنا انتفاضة, وملاذنا انتفاضة, وسيخلف الانتفاضة ألف انتفاضة, فهي سبيلنا للنصر أو الشهادة, إنها رحلة الأمل في طريق مليء بالألم, رحلة الحياة في طريق معبد بالشهادة, رحلة الحرية في طريق تغرقه الدماء.

دعوها تمضي فإنها مسًيرة, ترسم ملامحها بيدها, تنمو وتكبر وتترعرع على أيدي شبابها الأطهار, دعوها فإنها مسًيرة, تعبد طريقها للأحرار, وتفتح ذراعيها للأطهار, تبدو نضارتها وحيويتها واضحة على جبين الشهداء والجرحى والأسرى الأبطال, دعوها تمضي فإنها مسًيرة, تفتش عن منابع النصر, وتشحذ الهمم, وتحشد الطاقات, فالنورُ كيف ظهوره إن لم يكن دمنا الوقود ... والقدسُ كيف نعيدها أن لم نكن نحنُ الجنود .

يا لثارات فلسطين, يا لثارات القدس والضفة وال48, يا لثارات غزة ارض الأحرار والثوار, هذا شهيد يطبق جفنية على وطنه فلسطين, ويكتب بدمه الوصية, وذاك جريح يلملم أشلاءه المبعثرة ويضمد جرحه بعشق الوطن, وأسير ينسج من حدود بلاده سراجا ينير له عتمة الزنزانة, أتراني أتخلى عن انتفاضتي المباركة؟ سحقا لهم, يتآمرون ويخططون ويرسمون لوأدها, وهم لا يعلمون أنها متقدة في قلوبنا لن تطفئها أفواههم, قدموا القرابين والهدايا لإطفاء لهيبها, فقلنا لهم بل انتم بهديتكم تفرحون, ارجع إليهم فلنأتينهم بفتية لا قبل لهم بهم, ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون.

تحوم أسراب غربان ناعقة في سماء وطني, تبشر بالويل والثبور, فتسحقها هامات شعبي وتنثر في بهوها شذى العطور, يظنون أن الأمر يخيفنا وهم يحفرون لشعبنا القبور, وما علموا أنها سبيلنا للنصر والعزة, وأنها درب العبور, فتش عن أحلامنا الضائعة فستجدها في حواصل تلك النسور, تهيم في سماء وطني لتغرد على أنغام كل الطيور.

ستمضي انتفاضة القدس رغم انف المرجفين الخانعين, ستمضي  قوافلها عبر الصحاري وزادها تلك السواعد الفتية التي تصنع المعجزات, لا تراهنوا على فرقتنا فالغضب آت, لا تراهنوا على إغوائنا فالوقت فات, لا تراهنوا على ركوننا ذهب السبات, نحن نراهن على ثورتنا ووحدتنا وقوتنا من وقتنا هذا حتى الممات.