حماس تعود إلى العمليات الاستشهادية

بقلم: 

مرت ثلاثة أشهر على بداية «انتفاضة القدس». نفذت في تلك الأشهر عمليات طعن ودهس عدة، منها ما كان عفوياً وبدافع فردي، ومنها ما كان مخططاً له مسبقاً. بالنسبة إلى فصائل المقاومة، تحولت الضفة المحتلة إلى ساحة عمل، يختلف أسلوب ووسائل المواجهة فيها عن قطاع غزة.

منفذو عمليات الطعن والدهس هم استشهاديون قرروا مواجهة العدو بأسلوب جديد، لذلك، وبما أن هذه «الروحية» لا تزال موجودة لدى فلسطينيي الضفة، فإن بعض فصائل المقاومة ومن بينها «حركة المقاومة الإسلامية ــ حماس»، قررت تفعيل العمل العسكري ضد العدو الإسرائيلي، وصولاً إلى تنفيذ عمليات استشهادية.
هذا القرار قيد التنفيذ، و«خلايا حركة حماس النائمة، تلقت أوامرها بضرب أهداف رُصدت مسبقاً داخل فلسطين المحتلة»، كما تقول مصادر في الحركة. هذه المعلومات يعرفها العدو الإسرائيلي جيداً، والخلية التي ألقي القبض عليها في منطقة أبو ديس في القدس، منذ أسبوع، كانت مهمتها تطبيق هذه القرارات على الأرض. ووفق مسؤولين في «حماس»، فإن «مهمة خلية القدس كانت تنفيذ عمليات في ساحة بعيدة جداً عن مناطق المواجهات وعمليات الطعن، وكانت ستستهدف أراضي الـ48».
بعد انكشاف الخلية، تبين أن أحد أفراد المجموعة أشرك شاباً في أمن السلطة الفلسطينية، وطلب منه توفير بعض المستندات المزورة لأفرادها، وهو ما كان السبب الرئيسي في انكشافها. وأضاف القيادي: «العمليات كانت ستنفذ قريباً، خصوصاً بعدما انتهت عمليات الرصد ووضعت لائحة بالأهداف المنوي ضربها، وكانت تتضمن شخصيات سياسية وأمنية إسرائيلية».
وأكد الرجل أنه برغم نفي المتحدثين الرسميين باسم الحركة صحة ما نشرته وسائل إعلام العدو عن دور هذه الخلية وأهدافها، فإن المرحلة المقبلة ستشهد عمليات نوعية ضد العدو. بالنسبة إلى «حماس»، قرارها واضح، وهو «عودة المجاهد إلى قواعده سالماً بعد تنفيذه العملية، ولكن إذا اضطررنا إلى تنفيذ عمليات استشهادية فإننا لن نقصر». تقول مصادر الحركة إن التركيز سيكون على زرع عبوات جانبية تستهدف آليات وأفراداً من الجيش والشرطة الإسرائيلية.

حالياً، يتعاطى الحمساويون في الضفة مع الأجهزة الأمنية الفلسطينية على أنها أجهزة «غير صديقة» تعمل على تفكيك خلايا الحركة منعاً لاستهداف الإسرائيليين وخوفاً من سيطرتها على الضفة. وتروي مصادر الحركة أن «السلطة أسهمت في اعتقال خلية ايتمار (اغتال أفرادها مستوطناً وزوجته)، بعد إصابة قائدها كرم المصري بسبب خطأ تقني». وتقول إن الخطأ الذي ارتكبه المصري أيضاً هو عدم هربه من المستشفى بعد تحقيق أفراد السلطة معه واعتقاده أنهم صدّقوا روايته حول إصابته.
وتضيف أنه «خلال الانتفاضة الثانية كان عناصرنا عند إصابتهم وبعد تحقيق الأجهزة الأمنية معهم، يتركون المستشفى ويهربون، لكن المصري لم يفعل ذلك واطمأن إلى وعود الأجهزة الأمنية بأنها ستحميه». وقالت أيضاً إن «أجهزة السلطة أخلت المستشفى قبل اقتحامها من المستعربين، وهو ما لم ينتبه إليه المصري».
حاولت «حماس» تفادي خطأ المصري، باعتماد الأساليب التي كانت تعتمدها خلال الانتفاضة الثانية، وهي وضع مرافق يمثل حارساً شخصياً لكل جريح، وهو ما جرى مع الأسير عزام شلالدة المتهم بتنفيذ عملية دهس ضد جنود العدو. ووضعت الحركة مع شلالدة، ابن عمه الشهيد عبد الله حارساً شخصياً له في أحد مستشفيات الخليل. عرف الإسرائيليون بذلك، وعند اقتحامهم «المستشفى الأهلي»، أعدموا المرافق بخمس رصاصات، واعتقلوا عزام المتهم بتنفيذ عملية الدهس.
تؤكد الحركة أن كل الاعتقالات التي نفذها جهاز «الشاباك» ضد خلية «ايتمار» و«أبو ديس» لن تؤثر في عمل باقي الخلايا، خصوصاً أن أفرادها غير معروفين أمنياً ولا يوجد عليهم أي شبهة قانونية، «وهو ما يثير غضب العدو، لأن غالبية منفذي العمليات غير خاضعين للمراقبة الأمنية، وهم من الجيل الجديد».
هكذا، وبعد انعكاس التنسيق الأمني بين السلطة والإسرائيليين سلباً على بعض أفراد «حماس» وخلاياها، تسعى الحركة حالياً إلى سحب البساط من تحت قدمي رئيس السلطة، محمود عباس، عبر إشراك عدد كبير من الفتحاويين في «الهبة الشعبية»، الدائرة في الضفة. تقول مصادر الحركة إن «عناصرنا على تواصل مع بعض الفتحاويين، خصوصاً قيادات الصف الثاني والثالث، وهناك تنسيق في ما بينهم في بعض أماكن الضفة. أبو مازن يعرف ذلك، وهو يحاول اعتقالهم ومنعهم». أما الهدف من هذا التواصل، فهو السعي إلى «إشراك جزء كبير من جمهور الضفة في انتفاضة القدس لتوفير حماية لخلايا المقاومة».
إلى ذلك (الأخبار)، نشرت وسائل إعلام عبرية صباح أمس، أنباءً مفادها أن محكمة عسكرية فلسطينية حكمت على شرطي يعمل في السلطة، ويدعى محمد حامد (22 عاماً)، بالسجن عشرة أعوام مع الأشغال الشاقة، لتنفيذه عملية إطلاق نار على جيش العدو قرب البلدة قبل شهر ونصف. لكن عائلة المعتقل لدى السلطة، وهي من بلدة سلواد شرق رام الله وسط الضفة، نفت ذلك، وقالت لوكالة محلية إنها تواصلت مع جهاز «الاستخبارات» الفلسطيني، الذي أكد لها أن محمد معتقل لدى الجهاز، وأخبروها بأنه لم يصدر بحق ابنها أي قرار حكم.

المصدر: 
الأخبار