قطاع غزة تحت الحصار الإسرائيلي

بقلم: 

إسرائيل فقط هي التي تقرر رفع أو بقاء الحصار وبأي درجة
والدول العربية وعلى رأسها مصر تعترف بأحقية إسرائيل في ذلك .
قال زياد نخالة :" إسرائيل ومصر وحماس والسلطة شركاء في إغلاق معبر رفح "وانا اقول وكذلك شركاء في حصار قطاع غزة .

غيرت إسرائيل طريقتها في احتلال قطاع غزة والسيطرة عليه . كان هذا بقرار واجراء من طرف واحد اتخذه اريك شارون ونفذ  في 15 آب 2005م  ، وقامت قوات الإحتلال بحصار القطاع وحولته إلى سجن محاط بالأسلاك من الجهات البرية الثلاث وراقبت البحر بالقذائف والرصاص والزوارق الحربية .

أي ان اسرائيل لم تترك قطاع غزة حرا بل غيرت شكل سيطرتها ورقابتها  عليه وسحبت المستوطنات التي أقيمت هناك .
يحيط بقطاع غزة سبعة معابر أقامتها إسرائيل ستة منها للمرور بينها وبين القطاع ومعبر واحد هو معبر رفح بين القطاع ومصر.

وقد نظمت إسرائيل وضعية معبر رفح بأن أشرفت عليه من جهة القطاع بواسطة نظام يمكنها من الرقابة حيث شكل فريق من أمن السلطة وفريق من الرباعية الدولية ورقابة الكترونية بالكاميرات بالإضافة إلى التنسيق الأمني .

أي أن إسرائيل نظمت علاقتها بقطاع غزة من خلال المعابر والحصار والتنسيق الأمني .
هذه الحقيقة يجب ان تكون ماثلة امام الناطقين الرسميين ولا يجوز تجاهلها وكأن القطاع محررا .
لننتبه كذلك أن إسرائيل بهذه العلاقة إنما تحاصر القطاع وتجعله تحت الضغط المتواصل .
واسرائيل تتحكم بما يدخل ويخرج من القطاع من إنسان وبضائع واستيراد وتصدير وبالتالي تضغط على حركة الإقتصاد  وتتحكم في كل مشروعات التنمية الممكنة.

وهكذا تفعل بالضفة وبأشكال اخرى متعددة . إنها تخضعنا لسيطرتها وضغوطاتها وحصارها ولو باشكال وأساليب مختلفة .
وقطاع غزة لم يتحرر من الإحتلال نتاج ما عرف بالإنسحاب من جانب واحد . ولا تغرنا ديماغوجية الناطقين والمحللين .

يونيو/حزيران2007م أقال الرئيس الفلسطيني الحكومة التي يقودها إسماعيل هنية ويعلن حالة الطوارئ بقطاع غزة.في 14

وفي اليوم التالي حماس تسيطر على قطاع غزة بعد هزمها القوات التابعة لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) الموالين لعباس وعلى إثر ذلك في 19 أيلول  أعلنت إسرائيل قطاع غزة كيانا معاديا ولم يعد معبر رفح باشراف الرباعية وامن السلطة  كما انسحبت السلطة من المعابر الأخرى بين إسرائيل والقطاع .

في 28تشرين أول من عام 2007 فرضت إسرائيل عقوبات اقتصادية على القطاع ثم فرضت عليه في بداية  كانون الثاني من عام 2008حصارا مشددا .

في عام 2009 م أعادت إسرائيل ترتيب الإشراف على معبر رفح بواسطة مصر باتفاق بين السلطات المصرية والإسرائيلية نظمه مدير المخابرات الإسرائيلية ، بالإضافة إلى التنسيق الأمني المصري الإسرائيلي والفلسطيني الإسرائيلي .مع العلم ان التنسيق الأمني يعني ان الجهاز المعني يقدم خدماته للامن الإسرائيلي والمعلومات تسير باتجاه واحد .

في تلك الفترة نشطت الأنفاق بين مصر وإسرائيل وكانت حكومة مبارك تغض الطرف عن ما يجري فيها إلى حين حيث أخذت تشدد الرقابة وتهدم بعضها دون أن تقضي عليها.وبهذا كان حكم مبارك يساهم في حصار ومضايقة القطاع .
وإسرائيل تضايق الشعب الفلسطيني وهي قد تطرح أسبابا لمضايقاتها وإجراءاتها .
وهي اليوم تسبب مضايقة وحصار القطاع بسيطرة حماس من الداخل .

من جهة ثانية فإن حماس تطالب الناس بالصبر على هذه المضايقة بمعنى أن يتحملوا استمرار سلطة حماس على القطاع وعدم سماحها بتسليم المعابر أو تسليم السلطة لفتح ، على اعتبار ان سلطتها هي مكسب لجماهير قطاع غزة .

في فترة الأنفاق ، كانت هناك درجة من التخفيف من المعاناة عن الناس وكانت حماس تساهم بتوزيع عطايا وتقدمات تاتيها من دول الخليج ومن هنا وهناك ، ولكن هذه الأعطيات قد تقلصت إلى درجة كبيرة . فحكم العسكر السيسي في مصر يساهم بالحصار على القطاع بدرجات مضاعفة بل ويعلن الحكم عداءه لسلطة حماس في القطاع ويبرر بهذا تشديد الرقابة على معبر رفح والأنفاق .

إذن قطاع غزة تحت حصار شديد الإحكام وكل ما يدخل إليه مأذون بدواعي إنسانية وأقل بكثير مما يحتاج ،وهناك الكثير من الممنوعات ، وإسرائيل هي التي تحدد الممنوع والمسموح علىى كل المعابر وتحت رقابتها .
صحيح أن مصر تفسر رفصها بمناقشة مسألة فتح معبر رفح بأن هذا امر سيادي ويخص مصر وحدها . ولكن الحقيقة هي أن مصر تفتح وتغلق وتسمح وتمنع بناء على الإشراف الإسرائيلي ودون مواربة .

تقول الجهات المسؤولة في مصر : لن نيسر الحركة ما دامت حماس على المعبر . وإسرائيل تمارس حصارها المشدد لنفس الأسباب .
إن إسرائيل هي المسئولة عن معاناة الشعب الفلسطيني في كل مكان وهي مسئولة عن معاناة الشعب في قطاع غزة   وهي تتحمل مسئولية هذه الجرائم وتشاركها سبطات الحكم المصري .

بعد هذا التأكيد فغن الشعب الفلسطيني لا يتوقع أي خير لا من سلغزة ولا من سلطة رام الله .
إن سلطة غزة عاجزة عن تأمين سبل الحياة فهي ليست سلطة ذات سيادة كما ان إسرائيل تستعملها لخنق الفلسطينيين في القطاع .وسلطة حماس ترى ذلك جيدا .

وحماس تنافس من أجل ان تخدم الأمن الإسرائيلي على المعبر بأن يعترف لها بالسلطة هناك، وإسرائيل ترفض هذا العرض . فهي ليست سلطة مستقلة من جهة ومن جهة أخرى فإن إسرائيل هي التي تقرر من يخدم على المعبر  ومن جهة ثالثة. فقد كانت الأمور أيسر مما هي عليه في زمن خدمة السلطة الفلسطينية على المعابر.
ومصر تقول انها لن تيسر شيئا ما دام امن حماس على المعبر سوى لأمن السلطة الفلسطينية وتطالب بالعودة لصيغة اتفاق 2005م .

بالنسبة لي فإنني أرى الإحتلال في كل الإحوال .ولو انني أعلم أن إسرائيل سترفع الحصار عن قطاع غزة بلا حماس لفضلت ذلك وبخاصة لأنني لا أرى أن إسرائيل تعاني من أية ضغوطات محلية أو عربية أو دولية من أجل أن ترفع يدها عن القطاع أو عن معبر رفح . ومن جهة ثانية فإن رفع الفيتو عن معبر رفح لوحده لا يرفع الحصار فهناك ستة معابر أخرى تفتح على الأراضي المحتلة عام 1948 م تنفذ منها المواد الضرورية ،  وهناك البحر ومناطق الصيد بإشراف إسرائيل ومصر بالتظافر .

وقد قيل الكثير من التكاذب في المصالحة وقيل الكثير من السيناريوهات التي تريح المتحدث لرفع الحصار عن القطاع وظل القطاع يعاني وتزداد معاناته باطراد.
إن رفع الحصار وبقاء سلطة حماس كما هو الحال اليوم خطان لا يلتقيان .