رعب الجنوب المتربص في الأعماق.. هل تتكرر "فيتنام"؟
زادت حدة اللهجة الإعلامية لكتائب القسام الذراع العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، عن تطوير الأنفاق وترميمها بشكل أكبر عن السابق، وبالأخص بعد استشهاد تسعة من عناصر الأنفاق، أثر انهيار نفقين عليهم شرق غزة وشرقي المحافظة الوسطى خلال الأيام الماضية، حيث بدأ تسليط الضوء على هذا الأسلوب القتالي الجديد الذي ابتكرته مقاومة غزة منذ سيطرت حماس على القطاع عام 2007.
أغلب تصريحات قادة حماس جاءت مؤخراً عن القدرة القتالية والعسكرية لجيش القسام، والذي ينتظر أي مواجهة قادمة مع الاحتلال الإسرائيلي، وبالتحديد تسليطهم الأضواء أكثر على الأنفاق التي يتم إعدادها وتطويرها من خلال نخبة من الشبان، الذين يعملون ليل نهار في باطن الأرض لتجهيز الأنفاق، التي -بحسب اعتقادهم- أثخنت جيش الاحتلال الإسرائيلي، بداية من اختطاف الجندي جلعاد شاليط عام 2006، إلى حرب 2014 التي تم بواسطتها اختطاف الجندي شاؤول أرون والضابط هجار جولدن.
نائب رئيس المكتب السياسي لحماس، إسماعيل هنية أشار في تصريح له إلى أن كتائب القسام حفرت الأنفاق "لتدافع عن غزة وتحصّنها وتحميها، وتشكل نقطة الانطلاق نحو بقية أرض فلسطين"، منوهاً إلى أنها تقوم بالإعداد والبناء في الفترة الحالية بمثابة معركة، "وليس كما يظن البعض بأن التهدئة للاستراحة، وكتائب القسام تثبت دوماً أن الهدنة معركةً لبناء وتطوير القوة، والاستعداد لأية معركة قادمة مع العدو الصهيوني".
تعدت الحدود
وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي، كشف أمس الثلاثاء عن تقديم الولايات المتحدة الأمريكية مساهمة إليه بأكثر من 100 مليون دولار، وذلك في إطار مشروع تكنولوجي لكشف الأنفاق على حدود قطاع غزة.
وقال رئيس الدائرة السياسية الأمنية بوزارة الحرب الإسرائيلية عاموس جلعاد، في مقابلة أجرتها معه إذاعة الجيش الإسرائيلي: إن التقديرات الاستخبارية تشير إلى عدم وجود أنفاق عابرة للحدود في هذه المرحلة".
إلا أن مصدرا خاصا في كتائب القسام، قلّل في حديث لـ"شمس نيوز" من أهمية التقديرات الاستخباراتية للاحتلال، مؤكداً بأن الكتائب حفرت أنفاقا ستفاجئ من خلالها العدو والصديق، بحسب تعبيره.
وأوضح المصدر الخاص -الذي فضّل عدم ذكر اسمه- أنهم قاموا بتطوير الأنفاق بشكل أفضل عن السابق، " حيث أن الأنفاق ازدادت عدداً وقوة وتطويراً عن ذي قبل".
حرب أنفاق
وعن دقة معرفة جيش الاحتلال بهذه الأنفاق ووجود خارطة وأجهزة لديه تكشف مساراتها، أضاف المصدر بأنهم قاموا بتجهيز الأنفاق بطريقة غير عشوائية، وليس بمقدور إسرائيل أن تكشف أي نفق بسهولة"، لافتاً إلى أن المواجهة القادمة مع الاحتلال ستكون "حرب أنفاق" حسب قوله.
وتابع: نحن نعمل ليل نهار من خلال شيفتات معينة تم اختيارها بدقة عالية، وتم تجهيزنا بمعدات متطورة، وليس سهلاً أن يُكتشف لنا نفق بهذه الصورة، التي يتحدث بها جيش الاحتلال".
وأشارت مصادر عبرية إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي نشر معدات ضخمة وفريقا هندسيا متخصصا للكشف عن أنفاق المقاومة في غزة.
وفي ذات الصدد، أكدت وزارة جيش الاحتلال الإسرائيلي، أنه لا يمكن لأحد تحديد موعد قدرة التكنولوجيا على كشف الأنفاق التي تبنيها كتائب القسام، على طول حدود قطاع غزة مع الداخل المحتل.
وكان زعيم المعارضة الإسرائيلية "اسحاق هيرتسوغ"، قد دعا كلا من رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير حربه "موشيه يعالون" لشن حرب على الأنفاق الفلسطينية بغزة.
أخطر الأساليب
"أنفاق غزة ساحة المواجهة القادمة"، لأن حرب الأنفاق، بحسب اعتقاد الخبير بالشأن الإسرائيلي، عدنان أبو عامر، إحدى أهم وأخطر الأساليب العسكرية التي استخدمتها المقاومة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
وقال أبو عامر لـ"شمس نيوز": علاوة على كونها أسلوبا جديدا شق طريقه إلى قلب المعادلة الكفاحية، وحفر لنفسه موقعا متميزا في سلك العمل العسكري المقاوم، فإن البعد النوعي والإستراتيجي الذي يمثله وما يحققه من آثار بشرية ومعنوية، شكل تهديدا بالغا وتحديا للآلة العسكرية الإسرائيلية المدججة بكافة أسلحة الحرب الفتاكة".
ويضيف: وتكمن خطورة أسلوب الأنفاق في ابتعاده عن ظروف وإجراءات المواجهة التقليدية، واعتماده على مفاجأة العدو بضربة عنيفة قاتلة، لا تدع له فرصة للنجاة والإفلات، أو تتيح له إمكانية المواجهة والتصدي والرد بالمثل"، مستشهداً بالعديد من العمليات في حي التفاح والشجاعية وشرق خان يونس ورفح، التي أوجعت الاحتلال الإسرائيلي.
وكتب الرئيس السابق لقسم التاريخ في الجيش الإسرائيلي "شاؤول شاي"، صاحب كتاب "الحرب تحت الأرضية والتحديات الهامة لقواتنا": آجلا أو عاجلا ستتحول الأنفاق إلى المشكلة المركزية أمام الجيش الإسرائيلي بالاعتماد على التجربة التاريخية" مستشهدا بالفشل الذي منيت به القوات الأميركية في فيتنام لمواجهة تحدي الأنفاق الذي استخدمه محاربو "الفايتكونغ".
الرعب الجديد
وكان مشير المصري، القيادي في حركة حماس شدد في حديث سابق لـ"شمس نيوز" بأن إستراتيجية الأنفاق أداة من أدوات الرعب الجديد في تاريخ صراعنا مع العدو الإسرائيلي، لافتاً إلى أنها جاءت لصناعة تضاريس عسكرية جديدة في جغرافيا قطاع غزة.
وأشار المصري إلى أن إعداد القسام في باطن الأرض من خلال حفر الأنفاق، لا تعني الخمول والتراجع بل تعني معركة بلا مدافع هي معركة "وأعدو"، مرجحاً أن تنتقل المواجهة القادمة مع الاحتلال الإسرائيلي من خلال الأنفاق.
واستشهد عنصران من كتائب القسام، بينهم قائد ميداني الليلة الماضية إثر انهيار نفق للمقاومة في قطاع غزة.
وقالت القسام في بيان لها إن القائد الميداني فؤاد عاشور أبو عطيوي، والمجاهد أحمد حيدر الزهار، من مخيم النصيرات وسط القطاع، ارتقيا مساء الأربعاء بانهيار نفق للمقاومة.