لماذا هذا الإخفاق؟

بقلم: 

يدرك المتتبع لتصريحات المسؤولين الفلسطينيين في جناحي الوطن تماما ميلهم إلى ثقافة الإجابة، أكثر بكثير من ثقافة السؤال والبحث، وكأنهم جاهزون ومستعدون لأي سؤال، يمكن أن يطرح عليهم، بل ويصل بهم الأمر إلى تجريم السؤال، وتحريم التساؤل، فإن سألت عن مصير المصالحة بين حركتي فتح وحماس، فأنت في حقل المحرمات، وإن حاولت أن تمارس إنسانيتك، وتسأل عن مواعيد فتح معبر رفح، أو آليات اختيار العابرين عبره إلى عالم ما وراء الحصار، فأنت كافر متواطىء متآمر على الوطن.

هكذا هي الأمور مع قضايا عديدة متعلقة بالإنسان الفلسطيني، إذ تناسى القائمون على حياتنا أن كل أمور الشأن العام خاضعة لحق المواطن بالسؤال، وواجب المسؤول بالإجابة، فحتى القرآن الكريم منذ نزوله على سيد الأولين والآخرين فتح باب ثقافة السؤال والتساؤل على مصراعيه، ونفض عن الوعي والشعور والعقل كل ما علق به من أوهام بيئات التخلف، وصار كل شيء موضع تساؤل وتفهم. لذلك جاء الأمر الرباني بالتفكر، والتدبر، والحوار، والمجادلة؛ في الإيمان، والأحكام، والعبر ( يسألونك عن الخمر والميسير، عن الأهلة وعن اليتامى، وعن الأشهر الحرم، وعن المحيض، وعن الروح، وعن ذي القرنين، وأسألهم ما بال النسوة، وأسألهم عن القرية ، وأسأل من أرسلنا من قبلك، واسألوا أهل الذكر...وهلم جرا.

اعلم أن ما أطرحه قد يكون قاسيا، لكننا وللأسف عملنا على تأصيل تجريم ثقافة السؤال، ابتداء من البيت و المدرسة وانتهاءا بالقائمين على حياتنا الذين أجهزوا على ما تبقى من هذا الحق.

وختاما، من حقنا أن نسأل الشاهد الفلسطيني، على أحلامنا ودمائنا وإنساننا، لماذا هذا الإخفاق؟