إسرائيل تتوسط لمصالحة تركيّة ـ مصريّة!

بقلم: 

تأبى مسألة العلاقات الإسرائيليّة ـ التركيّة أن تغيب عن عناوين وسائل الإعلام أو أن تتأخّر ولو قليلاً. فبعد يوم واحد على إعلان منسق شؤون الحكومة الإسرائيليّة في المناطق المحتلة، الجنرال يؤآف مردخاي، أنَّ مسألة الميناء في غزّة لا تُبحث مع أيّ جهة وخصوصاً تركيا، كشفت صحيفة «حرييت» التركيّة النقاب عن أنَّ وزير خارجية تركيا قال في اجتماع وزاري مصغّر، إنَّ «بلاغاً مشتركاً سيصدر في الأيام القريبة حول إنهاء الأزمة مع إسرائيل».
ومعروف أنَّ أحد شروط إنهاء الأزمة، من وجهة النظر التركيّة، هو رفع الحصار البحري المفروض على القطاع وتمكين تركيا من حرية الوصول إلى غزَّة. وربّما في نبأ لافت، أُعلن في إسرائيل أنَّ رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، استقبل السفير المصري الجديد حازم خيرت، وبحث معه في مسائل مشتركة، بينها العلاقة مع تركيا.
ونشرت صحيفة «حرييت» أنّه خلال اجتماع للمجلس الوزاري المصغّر الأسبوع الماضي في أنقرة، أكّد وزير الخارجيّة مولود جاويش أوغلو أنَّ المباحثات بين بلاده وإسرائيل على وشك الانتهاء، مشيراً إلى أنَّ «إسرائيل وتركيا ستنشران بلاغاً مشتركاً حول ذلك في الأيام القريبة».

وبحسب الصحيفة التركيّة، فإنَّ جاويش أوغلو تحدّث خلال الاجتماع أيضاً عن لقاء قريب مع مصر لتحسين العلاقات معها. ومن المؤكّد أنَّ هذا سيسهّل أيضاً تسوية النزاع مع إسرائيل التي سبق ونشرت أنباء عن محاولتها إجراء مصالحة بين تركيا ومصر.
وتجري إسرائيل وتركيا منذ أشهر طويلة مفاوضات مكثّفة لإنهاء الأزمة بينهما التي أعقبت اقتحام القوّات الإسرائيليّة لسفينة «مرمرة» العام 2010. ومنذ أسابيع، يكاد لا يمرّ يوم من دون أن تطلّ مسألة العلاقة والمصالحة والتطبيع بين الدولتين برأسها عبر تصريحات لمسؤولين هنا، أو تسريبات لمسؤولين هناك. وكان المتحدث باسم الحزب الحاكم في تركيا، قد أشار إلى وجود تقدّم في المفاوضات، لكنّه قال إنَّ الاتّفاق لم يبرم بعد.
بعد ذلك، جرى الحديث عن زيارة رئيس الموساد، يوسي كوهين، حين كان رئيساً لمجلس الأمن القومي، إلى تركيا، ثمّ بعدها بصحبة مبعوث نتنياهو، يوسي تشخنوفر، إلى جنيف لإدارة المفاوضات مع مدير عام وزارة الخارجية التركيّة فريدون سنياورلو. وقيل حينها إنَّ الدولتين توصّلتا إلى عدّة تفاهمات على طريق تسوية الأزمة.
وفي هذه الأثناء، التقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع وفد من عشرين شخصيّة قياديّة من يهود أميركا وعلى رأسهم رئيس لجنة رؤساء المنظمات اليهودية المقرب جداً من نتنياهو، مالكولم هونلاين. وقيل حينها إنَّ هونلاين حمل رسائل من نتنياهو إلى أردوغان.
وفي كل حال، أكَّد مسؤولون إسرائيليون وأتراك أنّه تم فعلاً التوصّل إلى تفاهمات بشأن غالبية نقاط الخلاف، لكن بقيت مسألة الحصار البحري الإسرائيلي للقطاع كمطلب تركي، في مقابل المطلب الإسرائيلي المتمثّل بنشاط «حماس» على الأراضي التركيّة. وكان ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية قد أشار، قبل حوالي عشرين يوماً، إلى حدوث تقدّم في محادثات المصالحة مع تركيا، مؤكداً وجود بعض القضايا العالقة التي ستبحث في لقاء قريب لاحق. لكن وزير الدفاع شكّك في اليوم ذاته، في فرص التوصّل إلى اتّفاق لتطبيع العلاقات مع تركيا، مشترطاً إغلاق تركيا لمقرّات «حماس» على أراضيها لتسهيل المصالحة مع إسرائيل.
من جانبها، كانت حركة «حماس» طوال الوقت، تشدّد على قرب إنجاز التسوية بين إسرائيل وتركيا، وتؤكّد أنَّ مسألة الميناء في غزة جزء أساسي منها. وأثارت هذه التصريحات مخاوف لدى كل من السلطة الفلسطينية في رام الله والحكومة المصرية.
وقبل يومين، أعلن منسق شؤون الاحتلال، الجنرال مردخاي، أنّه لا صحة للأنباء حول التفاوض من أجل إنشاء ميناء في غزة. واعتبر معلّقون إسرائيليون أنَّ هذا التصريح المناقض لكل ما أشيع قبل ذلك، جاء بناءً على طلب مصر والسلطة الفلسطينية لتوضيحات في هذا الشأن.
وبدا واضحاً خلال الأسابيع الأخيرة، أنَّ مسألة الميناء في غزة صارت موضع تجاذب يزداد حدّة بين المستويين السياسي والعسكري في إسرائيل وداخل كل منهما. فالبعض يرى في ذلك فرصة لهدنة طويلة الأمد مع حركة «حماس» في القطاع، إلى جانب أنّها تكرّس الانقسام بين الضفة والقطاع، في حين يرى آخرون أنَّ عواقب ذلك كثيرة على العلاقات مع السلطة الفلسطينية ومع الحكومة المصرية. وبين هؤلاء وزير الدفاع موشي يعلون ورئيس الشاباك السابق آفي ديختر الذي أعلن أنَّ كل من ينشغلون بميناء في غزة أو بأيّ اختراع آخر «يعيدوننا مرّة أخرى إلى أخطاء اتفاق أوسلو. إنّ الحث من أجل منح حماس ميناء أشبه بتأييد حفر الأنفاق لنقل المنتجات إلى غزة».
ومعروف أنَّ قيادة الجيش الإسرائيلي وسلاح البحرية أبديا تأييدهما لإنشاء ميناء، لكنّهما اشترطا وضع ضوابط لمراقبة ما يدخل وما يخرج منه.

المصدر: 
السفير