بيرزيت وجمعية الرفق بالديموقراطية

بقلم: 

جامعة بيرزيت هي احد المعاقل التاريخية للحركة الوطنية والتقدمية الفلسطينية، وهي واحدة من اعرق واهم الجامعات في بلادنا ،

ولم تأخذ هذه الصفة بحكم عدد منتسبيها او خريجيها وانما بفعل طليعيتها في المجال الاكاديمي ونجاحها في صوغ علاقة راسخة بين السياسة والوطنية والتعليم .

لهذا حين تجري انتخابات مجلس الطلبة في بيرزيت بالذات فهذه الانتخابات تحظى باهتمام ومتابعة ليس من قبل المتنافسين على المقاعد ومن ورائهم وانما من قبل كل من يهتم بقراءة المؤشرات الاوسع وربما الادق حول اوزان القوى السياسية في البلد.

كان الخبر المدوي يوم أمس هو تفوق حركة حماس بحيث حصلت بمفردها على نصف مقاعد مجلس الطلبة بينما حصلت فتح ومن يمكن تسميتهم بقوى منظمة التحرير على النصف الاخر، ومع انني لا ارى وهنا اختلف مع كثيرين بأن انتخابات الطلبة هي المؤشر الحاسم على الانتخابات العامة ، إلا انني في الوقت ذاته لا استسهل ما حدث ولا اوافق على تفسير بعض الفتحاويين من أن فوز حماس هو مؤشر على قوة الحياة الديموقراطية الفلسطينية، وكأن وظيفة فتح أشبه بجمعية رفق بالديموقراطية وليست قيادة مشروع وطني تتبنى حماس وجهة نظر معاكسة له وبالتالي فإن اسناد الفشل واستبداله بالزهو بالديموقراطية فيه قراءة ساذجة لما حدث فمنذ متى تحتكم حماس معنا في فتح الى القواعد الديموقراطية؟

ان الذي حدث بالضبط هو فشلٌ للحركة الوطنية الفلسطينية بأسرها وهو فشل لمنظمة التحرير التي تملئ فصائلها الصحف والمنابر الاعلامية بالحديث عن استحواذها لحب وولاء الشعب الفلسطيني، واستخدام شرعيتها كما لو انها قدر ازلي لا فكاك منه . وعند الفشل فسوف تبادر هذه الفصائل غير الديموقراطية في تبني رعاية الديموقراطية.

انني اشعر بالحزن الشديد ليس على خسارة عدد من مقاعد مجلس الطلبة في الجامعة وانما على الطريقة التي جرى التعامل بها مع هذا الفشل ، لم أسمع جملة واحدة تقول اننا سندرس ما حدث ونضع ايدينا على اسباب الفشل ونضع خطة محكمة من اجل ان لا يتكرر ، ولم أسمع رأياً معقولاً يقول على سبيل المثال " ان المعالجة الرسمية والحركية لقطاع الشباب وفي طليعتهم قطاع الطلبة قد فشلت ليس في هذه المرة فقط وانما في كل المرات "

واذكر ان كنا نسينا بمعمعة الانتخابات المحلية التي اخفقت فيها القوائم الرسمية لفتح وفازت فيها قوائم المهمشين والمطرودين ، لا فشل جزئي بل الفشل اوسع من ذلك واذا ما ظل الحال على هذا المنوال ، فنحن امام خيارين احلاهما مر كما يقال ، اما ان نقدم للفشل والعجز منصة ديموقراطية لحماس تأخذ فيها الضفة كما اخذت غزة، واما ان نطلق الانتخابات التشريعية والرئاسية بالثلاثة ما دامت قراءات السنوات العشر الماضية تقول وبصورة حاسمة ان احداً لم يستفد من التجارب وان ما كان مؤلماً في الماضي ربما يتكرر على نحو اشد ايلاماً في الحاضر والمستقبل وساعتئذ سنجد من يعزو السقوط الى الرفق بالديموقراطية.