بركة: المطالبة بالمساواة لا تلغي التمسك بالحقوق القومية

زمن برس، فلسطين: قال رئيس لجنة المتابعة العربية العليا محمد بركة، إنّ ما يميز الشعب الفلسطيني ارتباط نضاله بالبقاء على أرض وطنه، وهذا البقاء هو النقيض المركزي لمشروع التطهير العرقي، وهو دليل على هوية الوطن وملامحه.
فيما بين أن لكل تجمع خصوصيته النضالية التي تختلف عن التجمعات الأخرى. فنضال فلسطينيي 48 في مطالبهم يختلف عن نضال فلسطينيي الضفة والقطاع، أو فلسطينيي الشتات. وهذه الخصوصية لا تعني التجزئة أو التفرقة، بل الكل يعمل ضمن المشروع الوطني الفلسطيني القائم على مواجهة الاستعمار الاستيطاني العنصري.
وأوضح أن مطالبة فلسطينيي 48 بالحقوق المدنية والمساواة "لا تعني تخليهم عن حقوقهم الوطنية والقومية، بل إن هذه الحقوق مشتقة من أننا أصحاب حق وأصحاب البلاد. فنحن نريد مأسسة لا تعفي دولة الاحتلال من مسؤولياتها تجاهنا كمواطنين، على ألا تؤدي هذه المأسسة إلى الترويض والتذويب الذي تدفع به المؤسسة الإسرائيلية". وأضاف: إن مراكمة الإنجازات في الجانب المدني يعطي حجمًا أكبر من المناعة في الجانب السياسي.
وأشار بركة إلى رفضه لحل الدولة الواحدة، لأنه شكل من أشكال الاستسلام والهروب، مؤكدًا على "أهمية استعادة بناء الشخصية الفلسطينية، وعلى ضرورة الوقوف إلى جانب شعبنا في محنه، فنحن لا نتضامن مع شعبنا بل نساهم في نضاله التحرري وفق خصوصية كل تجمع". كما شدد على أنه لا يريد أن يصبح عنوان النضال هو المساواة فقط.
هذا وكان بركة يتحدث خلال ندوة نظمها المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية (مسارات)، في مقريه في البيرة وغزة، عبر "الفيديو كونفرنس"، بحضور عشرات من الشخصيات السياسية والأكاديمية والنشطاء. وقد أدار الحوار في البيرة هاني المصري، مدير عام مركز مسارت، فيما أداره في غزة صلاح عبد العاطي، مدير المكتب هناك.
ونوه المصري في افتتاحه الندوة إلى أهمية الجهود التي تبذلها "لجنة المتابعة" من أجل إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية، مؤكدًا على أهمية الوحدة في إنجاز الحقوق الوطنية. وداعيًا إلى استلهام تجربة فلسطينيي 48 في تشكيل قائمة مشتركة بالرغم من الاختلاف في البرامج والرؤى.
وأوضح بركة أن تجربة كل من لجنة المتابعة والقائمة المشتركة تشكلان نموذجًا وطنيًا يمكن الاستفادة منه في إنهاء الانقسام الفلسطيني، فقد سرنا نحن في طريق الوحدة عبر تشكيل لجنة المتابعة التي تضم مختلف الأطياف الفكرية والسياسية وممثلي المجالس المحلية، إضافة إلى تشكيل قائمة مشتركة من أربعة أحزاب خاضت انتخابات الكنيست وحصلت على 13 مقعدًا، وإن كان دافع تشكيلها الأساسي رفع نسبة الحسم، وعلينا أن نحافظ على هذا الإنجاز حتى وإن خفّضت نسبة الحسم، وكذلك استثمار هذا الإنجاز من أجل العمل على إنهاء الانقسام وبلورة إطار وطني شعبي يساند ذلك، فالانقسام ليس من حق الفصائل والوحدة استحقاق للشعب.
وأشار إلى أن لجنة المتابعة تعكف على عدد من المشاريع الهادفة إلى إماطة اللثام عن زيف ديمقراطية إسرائيل، وإلى رفض كل أشكال الترويض والتدجين التي تستهدف الفلسطينيين في الداخل. ومن هذه المشاريع، مشروع مكافحة العنف والإجرام الداخلي، لا سيما أن إسرائيل تشجع انتشار السلاح وتثير الفتن وتعمل على تغذية هذا العنف بدلًا من توفير الأمن والأمان، إضافة إلى مشاريع لاستثمار الكفاءات الأكاديمية والعلمية الفلسطينية في إسرائيل عبر عقد مؤتمرات وطاولات مستديرة لذلك. كما تسعى لجنة المتابعة إلى تدويل القضايا والحقوق الوطنية للفلسطينيين.
وأكد أن لجنة المتابعة "تبذل جهودًا في سبيل إنهاء الانقسام لم ترق إلى مستوى المبادرة، وأن هذه الوسيلة نجحت وأثبتنا أنها ممكنة، ونحن لا نريد إجراء مفاوضات للوصول إلى اتفاق، فالاتفاقات الموقعة موجودة، وما نهدف إليه حول خلق حالة ضاغطة على الفصائل لتمضي في مسار إنهاء الانقسام".
وقال إن الوحدة استحقاق وطني لا يجوز لأحد العبث به. كما أن حركتي فتح وحماس متفقتان على خارطة الطريق بما تشمله من تشكيل حكومة وحدة وطنية وإجراء انتخابات على أساس الديمقراطية التوافقية، فلنعمل على إنجاز هذا الشيء الكبير، ومن ثم نحسم بقية الخلافات من خلال الحسم الديمقراطي الفلسطيني.
وأضاف: خلال الحوارات التي أجريناها مع مختلف المؤسسات والعاملين على إنهاء الانقسام تبلور رأي بتشكيل هيئة فلسطينية تضم جميع العاملين في هذا الحقل لتوحيد الجهود، مبينًا الحاجة إلى حاضنة شعبية وأخرى إقليمية لدفع هذه المسيرة إلى الأمام، لكن التعويل الأول والأخير يبقى على الحاضنة الشعبية من أجل بلورة ضغط على طرفي الانقسام.
وتنوعت آراء الحضور بين من دعا إلى استلهام تجربة فلسطينيي 48 في الوحدة الوطنية والبناء عليها في استعادة الوحدة بين الفلسطينيين في مختلف تجمعاتهم، وبين من فرّق بين تجربتهم في الوحدة عن تجربة الانقسام الحاصل ما بين الضفة والقطاع لأسباب جغرافية، أو لأسباب سياسية تتعلق بالتنازع على السلطة.
ودعا بعض الحضور إلى ضرورة إنهاء الانقسام انطلاقًا من عقد جلسة للمجلس الوطني الفلسطيني، بينما رأى آخرون أن الانطلاقة يجب أن تكون عبر تشكيل جبهة شعبية ضاغطة على طرفي الانقسام والفصائل الأخرى، لأن من صنع الانقسام لا يمكنه صناعة الوحدة.