أزمة قانون التجنيد: تصاعد التهديدات الحريدية بإسقاط الحكومة

زمن برس، فلسطين: أعلن الزعيم الديني لحزب "ديغل هتوراه" الحريدي، الحاخام موشي هيلل هيرش، أنه إذا لم يطرأ "تغيير دراماتيكي" بشأن مضي الائتلاف قدما في تشريع قانون إعفاء الحريديين من التجنيد، فإنه سيأمر أعضاء الكنيست عن "يهدوت هتوراه" بالانسحاب من الحكومة.
جاء ذلك فيما ذكرت صحيفة "هآرتس"، مساء الثلاثاء، أن هيرش الذي يتزعم القيادة الدينية لـ"ديغل هتوراه" إلى جانب الحاخام دوف لندو، كان يُعدّ من الأصوات المعتدلة حتى الآن في هذا الملف، ويقود التيار الأكثر حذرًا في التعامل مع أزمة قانون التجنيد.
واجتمع، مساء الثلاثاء، ممثلو حزب "شاس" مع رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، يولي إدلشتاين، في محاولة للتوصل إلى تسوية بهذا الشأن، فيما يدور النقاش حول طلب إدلشتاين إدخال عقوبات أكثر صرامة ضد المتخلفين عن الخدمة العسكرية ضمن القانون.
ونقلت صحيفة "هآرتس" عن مصادر في الأحزاب الحريدية أن الفجوات لا تزال كبيرة للغاية بين الأحزاب الحريدية وسائر الأحزاب في ائتلاف بنيامين نتنياهو، وقال مصدر في "يهدوت هتوراه" للصحيفة: "هذه صفارة إنذار حقيقية"، على حد تعبيره.
في وقت سابق من اليوم، نقل عضو الكنيست موشي غفني، من "يهدوت هتوراه"، رسالة إلى مكتب رئيس الحكومة مفادها أنه "إذا لم يتم إحراز تقدم في تشريع قانون الإعفاء من التجنيد حتى ساعات المساء، فإن الحزب سيتخذ خطوات أكثر حدة ضد الائتلاف".
ورغم التهديد، قدّر مصدر مطّلع أن الكتلة قد ترجئ قرار الانسحاب في هذه المرحلة، بهدف مواصلة دفع مشاريع أخرى ضمن الوزارات. لكنه أشار إلى أن الحزب قد يوسّع نطاق مقاطعة التصويت، التي تقتصر حاليًا على مشاريع القوانين الخاصة، لتشمل مشاريع القوانين الحكومية.
ومع أن انسحاب نواب "يهدوت هتوراه" السبعة لن يؤدي إلى إسقاط الحكومة، التي ما زالت تحتفظ بـ68 مقعدًا، إلا أن شريكتها "شاس" لم توضح بعد موقفها من احتمال الانضمام إلى هذا التحرك. وتشير التقديرات، بحسب الصحيفة، إلى أن "شاس" قد تضطر لمجاراة "يهدوت هتوراه" في حال انسحبت من الائتلاف.
ونقلت الصحيفة عن أحد الوزراء في الحكومة قوله: "من المرجح أن تبقى الحكومة متماسكة حتى نهاية الدورة الصيفية، ثم تخرج الكنيست إلى عطلة الأعياد"، متوقعًا أن "تعود الكنيست في الخريف إلى وضع سياسي هش، سواء بسبب قانون التجنيد أو لأسباب سياسية أخرى".
ويقود وزير الإسكان يتسحاق غولدكنوبف، عن حزب "أغودات يسرائيل" (أحد مكونات "يهدوت هتوراه")، التوجه الأكثر تشددًا والداعي للانسحاب من الحكومة، وقالت مصادر في الحزب إنه تلقى تعليمات مباشرة من الحاخام يعقوب ألتر، الزعيم الروحي لحزبه، بوجوب الانسحاب من الحكومة في كل الأحوال.
وخلال اليومين الماضيين، يعمل غولدكنوبف مع مساعديه على الدفع بمشروع قانون لحل الكنيست، في خطوة من شأنها أن تفتح مسارًا قانونيًا لحل الحكومة، ولكن في الوقت ذاته تمنح الأحزاب الحريدية مزيدًا من الوقت للوصول إلى تفاهمات قبل المصادقة النهائية على القانون.
وبخلاف الانسحاب الفوري من الحكومة، فإن هذه الخطوة تتيح للأحزاب الاستمرار في شغل مناصبها الوزارية حتى تشكيل حكومة جديدة، إلى حين المصادقة على قانون حل الكنيست بالقراءات الثلاث.
وفي هذا السياق، التقى موتي بابتشِك، رئيس طاقم غولدكنوبف، مع رئيس حزب "المعسكر الوطني"، بيني غانتس، في لقاء يُتوقع أن يزيد من الضغوط على الائتلاف. وسبق أن التقى الطرفان في تموز/ يوليو الماضي. وتناول اللقاء خيار الدفع بمشروع قانون لحل الكنيست، إلى جانب بحث أزمة التجنيد والجمود السياسي في الحكومة.
ويدرس حزبا "أغودات يسرائيل" و"ديغل هتوراه" أيضًا خيار التوقف عن التصويت مع الائتلاف في الكنيست، ما قد يعرقل تمرير مشاريع قوانين حكومية.
وجاءت الرسالة التي نُقلت إلى نتنياهو بشأن احتمال التصعيد، باسم الحاخامين يعقوب ألتر ("أغودات يسرائيل") ودوف لندو ("ديغل هتوراه")، اللذين يقفان خلف ضغوط داخلية في "يهدوت هتوراه" للدفع نحو الانسحاب من الحكومة.
وخلال الشهر الماضي، قاطع الحزب التصويت على مشاريع قوانين خاصة احتجاجًا على عدم تقدم تشريع قانون الإعفاء من التجنيد، ما أجبر الائتلاف على سحب عدد من القوانين، من بينها مشروع قانون لتقسيم صلاحيات المستشارة القضائية.
وقالت مصادر في الأحزاب الحريدية إن نتنياهو لا يبذل جهدًا حقيقيًا لحل الأزمة، ونقل عن مصدر في "يهدوت هتوراه" قوله: "ما يصل من مكتبه هو الصمت". وكانت "هآرتس" قد كشفت الأسبوع الماضي أن نتنياهو أبلغ مقربين منه أنه يدرك عدم وجود مخرج من هذه الأزمة، وأضاف مصدر في الحزب: "لا يوجد أي احتمال لإقرار قانون توافقي، والموضوع منتهٍ من جهتنا ونتنياهو يعلم ذلك جيدًا".
وأضاف المصدر: "نتنياهو، في محادثاته مع المقربين منه، يعترف بأنه لا يملك حلاً. الجميع يعلم أن الانتخابات تقترب، وهو لا يريد الدخول في مواجهة مع (يولي) إدلشتاين". ورجّح المصدر أن يوظف نتنياهو هذا الملف في حملته الانتخابية، ليظهر أمام ناخبيه بأنه لم يتنازل في قضية قانون التجنيد، وكان مستعدًا لتفكيك الحكومة لأجلها.
وقال مصدر آخر تحدث لصحيفة "هآرتس" إن "الجميع يدرك أنه لا توجد صيغة يمكن أن تنال موافقة المرجعيات الدينية وتحظى بموافقة المحكمة العليا في الوقت ذاته". وأضاف "من الصعب على نتنياهو تمرير تشريع يعفي الحريديين من التجنيد، في وقت يحتاج فيه الجيش إلى تعزيزات واسعة في ظل استمرار الحرب".
وفي السياق نفسه، قال مصدر سياسي آخر للصحيفة إن "من الناحية العقلانية، لا مصلحة للأحزاب الحريدية في تفكيك الحكومة. الاستطلاعات تشير إلى أن فرصها في المشاركة بحكومة مقبلة مؤيدة لها ضعيفة، والمزاج العام في إسرائيل معادٍ لقانون الإعفاء".
لكنه أضاف: "مع ذلك، هناك تهديد فعلي لاستقرار الائتلاف، لأن بعض المرجعيات الدينية لا تتخذ قراراتها وفق منطق سياسي أو اعتبارات عقلانية، ولا تضع الاعتبارات الحزبية أو الدبلوماسية في حساباتها".