مشاكل كيري

بقلم: نداف هعتسني
قلبي على وزير الخارجية الاميركي، جون كيري، الذي يجد صعوبة في التركيز على المهمة الاكثر أهمية التي يقف امامها العالم الحر اليوم. وقد خطط كيري ليكرس كامل مقدرات القوة العظمى للمشكلة رقم واحد في العالم – مأساة الشعب الفلسطيني. ولكن كل أنواع ضجيج الخلفية الغبية تصرف الانتباه وتخرب على العمل المقدس. فمنذ أن تسلم مهام منصبه، مكث كيري هنا المرة تلو الاخرى وتعهد بأن يعود كل اسبوعين كي ينقذ الامة الفلسطينية من بؤسها. والتقى أيضا بشريكه في الرؤيا، شمعون بيرس، الذي صرح بانه تهب "ريح جديدة من السلام في الشرق الاوسط". ومع أننا قليلو الايمان ونلاحظ ريحا معاكسة، الا ان بيرس وكيري يريان أمورا تغيب عنا.
غير أنهما كلاهما يجدان صعوبة في الصعود الى ظهر الريح الطيبة الجديدة هذه والتركيز على ما هو هام حقا. قبل كل شيء تطل مرة اخرى الازمة مع كوريا الشمالية. صحيح أنه لا يمكن مقارنة تهديد بيونغ يانغ بالمظالم التي يلحقها الاحتلال الاسرائيلي في حواجز الطرق. فأين نتائج بحوث "محسوم ووتش" من الافعال التي يرتكبها كيم يونغ أون. ولكن مع ذلك ينبغي الانشغال بكوريا إذ توجد مشكلة مع قنبلة ذرية موجهة الى سيئول والشيطان يعرف الى أين أيضا. وما العمل، يجب الانقطاع للحظة عن المهامة المقدسة والانشغال ايضا بالصغائر. ويوجد أيضا أولئك الاشقياء، الايرانيين. ما الذي لا تفعله ادارة اوباما كي تقنع الجميع وتبقي الايرانيين مع القنبلة. ولكن نتنياهو مع هوسه الايراني، يزعج المرة تلو الاخرى.
إذًا صحيح أنه لا يمكن مقارنة الاحابيل اللطيفة التي يقوم بها آيات الله مع الافعال "الارهابية" للمستوطنين في الضفة، ولكن مع ذلك فإن المحادثات مع الايرانيين ايضا ومع كل المحيطين، تنزع من وزير الخارجية زمنا باهظ الثمن. وتوجد ايضا مواضيع صغيرة اخرى كهذه او تلك. سوريا مثلا. ومع أن سوريا ليست موضوعا ينبغي للعالم أن يركز عليه، فبالاجمال هذا نزاع سياسي داخلي وشرعي بين معسكرين متخاصمين، يسوى بوسائل مقبولة في المنطقة. ولكن كيفما اتفق قد يؤثر ايضا على الامور المهمة حقا. صحيح أنه لا يمكن مقارنة الاحداث في دمشق وحلب مع جرائم الحرب التي ترتكبها اسرائيل في رام الله وفي غزة. ولكن كيري ملزم بان يصرف مقدرات هامة عن حل المأساة الفلسطينية، ليعالج الجلبة السورية أيضا.
وغيرها كل أنواع الامور المثيرة للاعصاب والمشوشة للعقل تطل كل الوقت لتخرب على المهامة العليا. توجد مصر ويوجد اردوغان – الصديق الطيب للولايات المتحدة، الذي وإن كان حصل على الاعتذار وعن حق، الا أنه لا يزال بحاجة الى ان يتجول حوله بسبب العزة الاسرائيلية الغبية. ولم نحص اوروبا، آسيا، جنوب اميركا وروسيا، كل باقي المواضيع الثانوية والصغيرة. فهذه ترن وتحدث آلام رأس زائدة لوزير الخارجية الجديد. والاكثر إحباطا هو ان الحل موجود في متناول اليد، جهد آخر صغير واذا بكيري يحقق اتفاقا كاملا ويدخل التاريخ كمن جلب السلام وحل ما كان يعتبر غير قابل للحل على نحو ظاهر.
وفقط نحن، في وجه النشاط والطموح للوزير الاميركي حديث العهد، الذي في أفضل الاحوال يمكن أن نصفه بانه نشاط مثير للشفقة ومنقطع عن الواقع، يجب الا نتشوش. فبالذات بين يوم الكارثة ويوم الاستقلال، حين تطوف الدروس التاريخية من جديد بكامل حدتها، محظور ان نقدم حتى ولا تنازلات تكتيكية صغيرة لمبادرات خطيرة ومشوهة على نمط تشمبرلن وأمثاله. فليفهم كيري كم هو يضيع الوقت، ويبدأ بمعالجة المشاكل العالمية الحقيقية ويدعنا لحالنا.