سماء مفتوحة

بقلم: تسفي بارئيل

التقارير من سوريا عن جوهر الضربة الاسرائيلية لمطار دمشق آخذة في التزايد. فحسب موقع الانترنت للمعارضة، فقد اصابت أربعة أو خمسة صواريخ جوالة اسرائيلية اطلقت من سماء لبنان بمخازن القسم العسكري، الذي يبعد نحو 2.5كم عن المطار المدني. وحسب التقرير، الذي يستند الى مصادر في وحدات مضادات الطائرات السورية وشركة الطيران السورية، فقد اصيبت مخازن كان فيها سلاح وذخيرة، طائرة شحن كانت تحمل اجزاء من منظومات مضادة للطائرات نقلت مؤخرا من روسيا وكذا حاويات وقود للطائرات. وليس في التقرير ذكر للمس بالصواريخ. وكاضافة الى ذلك تحطمت ايضا نوافذ المطار المدني، واصيب عاملون بالشظايا وحسب تقرير آخر قتل في الهجوم نحو 300 رجل أمن وجندي سوري.

الرد السوري الذي جاء فيه ان الهجوم معناه اعلان الحرب، لا يغير في جوهره الوضع الراهن القائم بين سوريا واسرائيل. ولكنه يضع النظام في معضلة عسيرة. فتواصل الهجمات الاسرائيلية يخلق واقعا من السماء المفتوحة الذي تعمل فيه اسرائيل دون عراقيل ضد قوات الجيش السوري، مثل الاستراتيجية التي تبنتها اسرائيل بالنسبة للبنان على مدى السنين. وحتى دون أن تقصد ذلك، تعتبر اسرائيل الان حليفة للثوار وكمن يمكنها أن تستبدل اللامبالاة الدولية والامتناع عن التدخل العسكري بسياسة تدخل. سياسة تحظى بتأييد الولايات المتحدة وبريطانيا وانعدام الشجب، اي الدعم المبطن من جانب الدول العربية. مثل هذا التدخل يخدم جيدا النظام السوري الذي كما كان متوقعا، سارع الى اتهام الثوار بالتآمر مع اسرائيل.

ولكن فضلا عن ذلك، فان الخيارات السورية محدودة. ففتح جبهة حيال اسرائيل، او حتى اطلاق بعض الصواريخ من الاراضي السورية نحو اسرائيل، معناه منح شرعية كاملة لعملية جوية اسرائيلية اوسع بكثير تخدم الثوار ولا تستهدف فقط الرد الموضعي على مصادر النار. اما الاستعانة بحزب الله لفتح جبهة اخرى، فيمكنه أن يكون واردا كخيار معقول في الازمنة العادية. في بداية الثورة السورية قبل نحو سنتين انتشر التقدير بان الاسد سيحاول استخدام حزب الله كي يصرف الانتباه الدولي عما يجري في سوريا. ولكن الظروف تغيرت. لحزب الله وايران توجد مصلحة عليا للحفاظ على قدرات المنظمة العسكرية وعدم منح اسرائيل الذريعة لتدمير مخزون المنظمة من السلاح في لبنان. في وضع يكون فيه بقاء الاسد غير مضمون، من المهم لايران ان تضمن على الاقل قوة حزب الله كجهة أساس ذات نفوذ. اما المعركة المتجددة بين حزب الله واسرائيل فلن توقف الثورة في سوريا ومن شأنها أن تكشف ضعف ايران في مساعدة المنظمة حين لا تكون سوريا قادرة على أن تشكل بعد الان قاعدة لوجستية.

خيار آخر هو تجنيد روسيا الى خطوة صد دبلوماسية حيال اسرائيل. بين روسيا والولايات المتحدة يوجد اتفاق غير معلن عن الخطوط الحمراء المسموح بها للاعمال الاجنبية في سوريا. طالما لا تسلح الولايات المتحدة الثوار، فان روسيا ايضا تمتنع عن التظاهر بدعمها العسكري للنظام. المشوق هو أنه حتى الان لم ترد روسيا أيضا على الهجوم الاسرائيلي، ولكن لا ينبغي الاستنتاج من ذلك بان روسيا ستسكت لاحقا ايضا. روسيا ستطلب من الولايات المتحدة لجم الهجمات الاسرائيلية، والا فانها سترى فيها تدخلا امريكيا. والاسناد الذي حظيت به اسرائيل من جانب الرئيس اوباما ورئيس الوزراء البريطاني كامرون، يبعد ظاهرا التخوف من الضغط الروسي، ولكن روسيا أوضحت في الماضي بانها لا تحب ان تعلق في المعاضل. عندما توجد معضلة لا توجد معضلة. اذا واظبت اسرائيل في هجماتها، فان روسيا سترد، وان لم يكن عسكريا، ولكن لروسيا أيضا توجد وسائل سياسية ناجعة.

السؤال الاستراتيجي بالتالي ليس اذا كانت اسرائيل تتعرض الان لتهديد عسكري من جانب سوريا أو حزب الله، بل باي شكل تغير الهجمات الاسرائيلية التفاهمات الدولية بشأن عدم التدخل العسكري في سوريا، كم من شأنها أن تورط الولايات المتحدة في معركة سياسية حيال روسيا، وهل ستمس بشرعية المعارضة كمن لا تريد التدخل العسكري الاجنبي، فما بالك الاسرائيلي.

حرره: 
م.م