قبول إسرائيل بالمبادرة العربية.. "انتحار"

بقلم: يورام أتينغر
يدعو اقتراح الجامعة العربية اسرائيل الى أخذ مخاطرة / رهان ملموس وفتاك مقابل اتفاق قابل للخرق. يتجاهل مؤيدوه آثار اتفاق "اوسلو" الذي أدى الى تعليم الكراهية، "الارهاب"، وخرق الاتفاقات بحجم غير مسبوق، وكذا دروس الشارع العربي الذي يبث اللهيب الذي يغمر المنطقة.
إنهم يتجاهلون المزايا الأساس للشرق الأوسط منذ 1400 سنة: غياب الديمقراطية العربية والسلام الشامل بين العرب، عدم المصادقة في كل ما يخص الحدود بين العرب، وعدم الايفاء بمعظم الاتفاقات بين العرب. فهل من المنطقي الافتراض بان العرب سيمنحون اسرائيل "الكافرة" ما يمنعونه عن بعضهم البعض: السلام الشامل بعيد المدى المحفور في الصخر؟!
يدعو الغرب اسرائيل الى التعهد بـ "تنازلات أليمة" في منطقة هي الاكثر نزاعا وخطرا في العالم، والتي تعارض السيادة التي ليست اسلامية وتلاحق وتبيد أقليات مسيحية، يهودية، واخرى. ويستخف مؤيدو الاقتراح العربي بمعنى أنماط السلوك العربية التي برزت في السنوات الثلاث الاخيرة: انعدام تسامح عنيف تجاه الآخر و"الكافر"؛ انشقاق عنيف قبلي، إثني، ديني، فكري وجغرافي؛ سياسة وتحالفات قابلة للاهتزاز؛ واتفاقات موقعة على الجليد وليس على الصخر.
خلافا للتوقعات الغربية، فان الشارع العربي لا يبث احساسا بالانتقال الى الديمقراطية، ثورة الفيسبوك أو انبعاث مهاتما غاندي ومارتين لوثر كينغ. والميل السائد هو مناهض للديمقراطية، مناهض لأميركا، ومناهض "للكفار"، وبالتالي أكثر تهديدا ويفترض أمنا أكبر بكثير.
ان دولة فلسطينية في "يهودا" و"السامرة" ستقرب الشارع العربي المتلظي من البطن الطرية لإسرائيل، ستمنح ريح اسناد لـ "الارهاب"، ستؤدي الى تصفية النظام الهاشمي المؤيد للغرب في الاردن، وستضيف صوتا مناهضا لاميركا في الأمم المتحدة، وسترفع مستوى التواجد الروسي، الصيني، الكوري الشمالي في الحوض الشرقي من البحر الابيض المتوسط، وستمنح جائزة للمسؤولين عن طرد المسيحيين من بيت لحم.
يحاول الفلسطينيون تصفية التواجد اليهودي في "بلاد إسرائيل" منذ اضطرابات العشرينيات، الثلاثينيات، والاربعينيات، مروراً بـ "حرب الاستقلال" و"الارهاب" المنهاجي من العام 1949 وحتى اليوم. وقد تعاونوا مع عظماء اعداء العالم الحر. محمود عباس، عرفات ومقربوهما ابعدوا من مصر (الخمسينيات)، من سورية (1966)، من الاردن (1970)، من لبنان (1982 – 1983 ) ومن الكويت (1991) جراء التآمر، وعليه فحتى اليوم يقلص العرب دعمهم للسلطة الفلسطينية.
ان اقتراح الجامعة العربية يزيف الاساس الايجابي في "الارض مقابل السلام" الذي طرح في نهاية الحرب العالمية الثانية: ردع العنف من خلال معاقبة الدول العنيفة (المانيا) وتعويض الضحايا المستهدفين (فرنسا، بولندا وتشيكوسلوفاكيا). "الارض مقابل السلام"، حسب الاقتراح العربي، ستدفع العنف الى التطرف من خلال معاقبة الضحية المستهدف (اسرائيل) وستعطي جائزة للعنف العربي.
الفلسطينيون ليسوا قلقين من حجم اسرائيل بل من وجودها. فمن أجل البقاء، على الدولة اليهودية أن تتمسك بعرش التاريخ اليهودي – "يهودا" و"السامرة". ومن أجل التغلب على تحديات الشرق الاوسط، على اسرائيل أن تسيطر في سلسلة جبال "يهودا" و"السامرة" التي تشرف على "الخط الاخضر" – قاطع من 15 – 25 كم الى شاطىء البحر المتوسط.
ان سلسلة جبال "يهودا" و"السامرة" هي مثل هضبة الجولان بالنسبة للقدس، تل أبيب، مطار بن غوريون و 80 في المائة من سكان اسرائيل والبنى التحتية. حيويتها تزداد كلما احتدمت هزات الشرق الاوسط. ان اقتراح الجامعة العربية ليس خطة سلام، بل وصفة للانتحار.