ينبغي التحقيق في الميزانية العامة

بقلم: ألوف بن
يُعامل وزير المالية يئير لبيد أسلافه بصورة فروسية. فحينما سُئل في مقابلة صحفية في ‘أولبان شيشي’ عن عوامل الازمة الاقتصادية أجاب: ‘لست أهاجم من كان قبلي’. لكن السخاء والأدب ليسا في مكانهما.
يجب على لبيد بدل ان يتحصن في مكانه السياسي المريح أن يأتي الى جلسة الحكومة اليوم باقتراح تعيين لجنة تحقيق رسمية تُبين اسباب نشوء العجز المالي الضخم في الميزانية العامة للدولة، وتوصي بسبل منع تكررها في المستقبل. واذا لم يوجد تحقيق فلماذا يُصدق الجمهور ـ الذي يُطلب اليه الآن أن يدفع الثمن بضرائب مُكبرة وبتقليص الخدمات ـ أن الخلل كان لمرة واحدة وأنه لا يعبر عن فساد عميق في ادارة اقتصاد الدولة؟.
تصف خطة لبيد الاقتصادية بكلمات قاسية ‘سوء وضع الاستقرار المالي الكبير لاسرائيل’، وتُحذر من زعزعات قد تفضي بالدولة الى ‘ازمة نقدية ومالية تقتضي اتخاذ خطوات أقسى وأكثر إيلاما’. ويقول لبيد بجزم إن ‘إقرار الوضع النقدي’ هو الآن فوق كل شيء ولا خيار في ذلك. وتعرض وثيقته سببين للازمة وهما: ‘نقص في ايرادات الدولة’، والتزامات ميزانية كبيرة تحملتها الحكومة السابقة.
لا يوجد هنا ما يتم التحقيق فيه في ظاهر الامر، وهوية المسؤولين معروفة وهم: رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي تولى في الحكومة السابقة منصب وزير استراتيجية اقتصادية، ووزير العلاقات الدولية يوفال شتاينيتس الذي عمل وزيرا للمالية. فقد فشل الخبير بالاستراتيجية والخبير بالتكتيك اللذان أعدا ميزانية لسنتين ووصفاها بأنها اختراع عالمي وأنها تعبير عن المبادرة والتجديد الاسرائيليين، فشلا في ادارتها والحفاظ عليها.
تبرأ شتاينيتس في حينه من ‘المسؤولية الخاصة’ التي ألقاها عليه مراقب الدولة ميخا لندنشتراوس، في التحقيق في كارثة حريق الكرمل. وزعم أن مسؤوليته تُختصر بادارة الميزانية الحكومية لا ادارة تفصيلية للمكاتب الحكومية.
ولا يستطيع أن يزعم في هذه المرة أنهم لا يفهمونه وأن الفشل ليس في مجاله لأن قانون أسس الميزانية العامة يقضي بصراحة بما يلي: ‘وزير المالية مسؤول عن تنفيذ هذا القانون’.
لكن المسؤولية لا يمكن أن تقف عند نتنياهو وشتاينيتس لأن كل جهاز التخطيط واعداد الميزانية والرقابة على المالية فشل، بتقديره ايضا السابق لحجم العجز المالي وباحداثه بالفعل ايضا وباخفاء المعلومات عن الجمهور قبل الانتخابات ايضا. وقد حذر شاؤول موفاز في تشرين الاول 2012 حينما كان رئيس المعارضة في الكنيست السابقة من عجز مالي ضخم يبلغ 40 مليار شيكل في الميزانية العامة، وأنكر شتاينيتس ونتنياهو المعطيات التي عرضها ـ فهل كذبا أم تلقيا تقارير مخطئة من الموظفين المسؤولين؟.
يجب على هيئة الموظفين العليا في المالية التي تتمتع في الأكثر بحماية وسائل الاعلام، أن تُبين من الذي اخطأ بتقدير ناقص لايرادات الدولة ومن الذي اخطأ في جباية الضرائب، ولم يُحذر في الوقت من خطر على الاستقرار النقدي، ومن الذي مكّن الوزراء من أن يلتزموا بالتزامات تجاوزت اطار الميزانية العامة. بماذا يختلف كبار مسؤولي المالية عن رؤساء شعبة الاستخبارات العسكرية الذين عُزلوا بسبب أخطاء في التقدير الاستخباري؟
إن قانون أسس الميزانية العامة يلقي مسؤولية شخصية على عمال الدولة وهي الحفاظ على اطار الميزانية العامة، ويوجب عليهم ان يُحذروا الوزراء من تجاوزات تحت عقوبة مخالفة انضباط. لكنهم في المالية يحبون التغطية المشتركة ولا يحبون إلقاء المسؤولية.
يُتابع لبيد تراث سلفه، فلا يوجد في خطته الاقتصادية أي اقتراح لتغيير اجراءات العمل في وزارة المالية. وتوجه كل مطالب زيادة النجاعة والتغييرات البنيوية الى مكاتب وجهات اخرى. إن سلوك كبار مسؤولي المالية مفهوم لأنه لا أحد يحب ان يفحص نفسه ويعترف بالاخفاقات. ولا يستطيع سوى تحقيق خارجي التعرف على اسباب الانهيار النقدي والكشف عن المسؤولين واقتراح اصلاح. لكن احتمال ان يستقر رأي الحكومة على ان تحقق نفسها صفر ـ وهذه مهمة حيوية لمراقب الدولة يوسف شبيرا.