إسقاط الاسد.. لا تستعجلوا النهاية

بقلم: د. غابي سيبوني
يزداد النقاش في سؤال هل استمرار حكم الاسد لسورية أفضل لاسرائيل أم أن سقوط نظامه في الحرب الأهلية مع المتمردين أفضل بالنسبة إلينا، يزداد حدة، بل هناك من يفرطون ويُلحون على اسرائيل والدول الغربية ان تعمل بصورة فاعلة لتعجيل سقوط النظام في سورية. إن الحرب الأهلية في سورية مستمرة منذ زمن طويل، واذا كان الرأي العام في اسرائيل في الماضي قد أيد المتمردين باعتبارهم واجهوا نظام قمع بشار الاسد، فانه مع استطالة الحرب الأهلية أخذ يقوى فهم أن هذه المواجهة مركبة ويصعب ان نحدد بصورة متيقنة أي الطرفين ‘خيّر’ وأيهما ‘شرير’. يبدو ان مقدار العنف الذي نشهده في هذا القتال ضخم بصورة مميزة، وكذلك مقدار الكراهية بين الطرفين، وهذه شهادة على الغرائز التي اندفعت الى الخارج بعد سنوات قمع كثيرة.
تتعلق دعوى مركزية تتصل بالحاجة الى العمل على انهاء نظام الاسد بانتمائه الى محور الشر المتطرف، فسورية عضو كبيرة في محور ايران ـ سورية ـ حزب الله، الذي يُقدس مقاومة اسرائيل والغرب ‘الفاسد’. وتعمل ايران وسورية في تسليح حزب الله بوسائل متقدمة منها صواريخ بعيدة المدى دقيقة، ومنظومات دفاع جوي وصواريخ ساحل ـ بحر متطورة. وقد تضر هذه بالتوازن الاستراتيجي اللطيف في المنطقة وقد تجد اسرائيل نفسها في مواجهة عسكرية شديدة مع حزب الله ـ إما بسبب حادثة محلية في شمال الدولة، وإما بسبب عملية اسرائيلية أو امريكية في ايران. وفي مواجهة كهذه قد تجد دولة اسرائيل نفسها تواجه قدرات متطورة تضر بالجبهة الداخلية المدنية وتجعل من الصعب على الجيش الاسرائيلي ان يعمل بصورة فعالة. إن مؤيدي اسقاط الاسد سيقولون إن هذا المحور سيُجتث بسقوط نظامه ويتضرر جدا الحلف المتطرف، ويتم الدفع قدما بمسار تجفيف مصادر تسليح حزب الله.
اجل إن المس بالمحور المتطرف هدف مناسب ومهم، لكن كل اجراء ادارة مخاطرة يقتضي الفحص عن الخيارات ايضا. إن اسقاط الاسد قد يُحدث فوضى عارمة في المنطقة. وليس سرا أنه تعمل بين قوات المتمردين عناصر من الجهاد ومن القاعدة كثيرة. وستكون سورية بعد الاسد مفككة ولا نظام فيها. وسيكون هذا مُستنبت لعناصر اسلامية متطرفة تبدأ توجيه نشاطها الى اسرائيل. وهكذا ستجد اسرائيل نفسها تواجه في هضبة الجولان عددا كبيرا من المنظمات الارهابية تعمل على الحدود المتوحشة التي ستنشأ في هضبة الجولان السورية. إن مثالا على تطور مسار كهذا يُرى في هذه الايام في شبه جزيرة سيناء. فان ضعف الحكم المركزي المصري يؤدي الى نشوء ارهاب، بل الى استقدام جهات ارهابية اسلامية الى شبه الجزيرة وهذا مسار لم نشهد ذروته الى الآن. إن تحول حدود اسرائيل مع سورية الى حدود ارهاب يحكمها خليط كبير من منظمات خطيرة جدا على اسرائيل سيجعل من الصعب انتاج هدوء أو أي نوع من أنواع الردع الفعال مع عدم وجود عنوان مركزي.
ليس من الواضح كيف ستنتهي هذه الحرب الأهلية، لكن لا يجوز لاسرائيل البتة ان تتعجل النهاية. إن الحفاظ على نظام ذي أملاك لا يحتمل فقدانها ضمان للحفاظ على ردع ما. ويعلم الاسد جيدا أن تحقيق تهديده بالتمكين من هجمات منظمات ارهابية على اسرائيل من حدود هضبة الجولان قد يكلفه ثمنا مؤلما. إن لسورية الاسد أملاكا كثيرة يمكن المس بها من غير تعريض استقرار نظامه للخطر بصورة قوية. ولهذا فان مجال حيلة اسرائيل لا يُستهان به. وقد تكلم رئيس الوزراء على هذه الشاكلة حينما قال إن اسرائيل ستستمر في المس بنقل وسائل قتالية الى حزب الله.
إن الحفاظ على النسيج اللطيف الذي ما زال يوجد معه عنوان واضح في سورية هو مصلحة اسرائيلية رفيعة الى جانب منع أو تأجيل سيطرة جهات اسلامية على الأقل على سورية. ويجب أن تكون هذه ايضا مصلحة أنصار حقوق الانسان لأن إدخال الاسلام المتطرف الى سورية من الباب الرئيس قد يتبين أنه خطأ استراتيجي من الطراز الأول.