بوتين في مواجهة أمريكا

بقلم: غيورا آيلاند
لا تتحول الأحداث في سورية، التي كانت تبدو الى ما قبل بضعة اسابيع شأنا داخليا، الى مصدر قلق لاسرائيل فقط، بل الى مركز مواجهة بين الولايات المتحدة وروسيا، وقد أخذ يتضح أكثر فأكثر أن روسيا تؤيد الاسد، وهو ما يشكل سببا للقلق في اسرائيل وواشنطن ايضا.
إن السياسة الامريكية الدائمة التي تشمل الادارات الامريكية كلها، تريد من وجهة نظر بوتين أن تضر متعمدة بمصالحه الثلاث الأكثر حساسية. فالامريكيون أولا يعترضون على شرعية حكمه ولا يضيعون أية فرصة للتنديد بـ’عدم الديمقراطية’ في روسيا، والمس هناك في رأيهم بحقوق الانسان. والشيء الثاني هو العمل الامريكي المحموم في دول كانت ذات مرة جزءا من الاتحاد السوفييتي، وهي بالنسبة لبوتين ساحته الخلفية. وهذا العمل في نظر بوتين يلبس زي التحرش السافر بروسيا (أنظروا في زيارة نائب الرئيس بايدن الى جورجيا والتعبير عن تأييدها وتأييد رئيسها سكجفيلي في 2009 بعد أقل من سنة من الحرب التي جرت حقا بين روسيا وجورجيا). والشيء الثالث هو مجموعة مبادرات امريكية من طرف واحد ترمي الى جعل بوتين يقف أمام حقيقة (أو هو يفسرها كذلك على الأقل).
إنه ما بقي بوتين يرى السياسة الامريكية نحوه على هذا النحو فسيبحث عن كل طريقة لضرب الولايات المتحدة. والوضع في سورية يتيح له فرصة جيدة ببساطة، فالطريق اذا الى حل الصراع الامريكي الروسي على الشأن السوري كما هي الحال على شأن أهم هو ايران، يوجب على الولايات المتحدة ان تغير سياستها العامة المضرة بروسيا. وكل محاولة للتوصل الى تسوية في شأن محدد فقط محكوم عليها بالفشل.
إن الجانب الذي يعمل بحسب المنطق والمصالح فقط هو الجانب الروسي على نحو قد يكون غريبا، إن صورة حكم بوتين تُذكر في الحقيقة بقدر غير قليل بصورة الحكم السوفييتي في حينه، مع فرق واحد واضح هو ان روسيا اليوم لا تحركها اعتبارات ايديولوجية شيوعية أو أي ايديولوجية اخرى. إن الامريكيين هم الذين تحركهم الايديولوجية، فمن المهم عندهم ان يُربوا الروس على قبول الديمقراطية بحسب النموذج الامريكي، ومن اجل ذلك يُضحون في واقع الامر بمصالح حقيقية.
دُفعت اسرائيل الى فصام بين ‘عملاقين’ ولهذا فان قدرتها على التأثير محدودة. وقد بذل رئيس الوزراء جهدا حقيقيا وزار روسيا بانذار قصير كي يقنعها ألا تبيع سورية صواريخ ‘إس300′. لا أعتقد ان روسيا ستبيع هذه الصواريخ آخر الامر، لكن لا ينبغي ان نتوقع من بوتين ان يمنح نتنياهو هذه الهدية عبثا، ولا احتمال ايضا أن يستجيب لطلب امريكي في هذا الشأن لأنه من وجهة نظره لا يتلقى إملاءات من أي أحد.
اذا أردنا ان نضمن ألا تبيع روسيا سورية سلاحا متقدما واذا أردنا أن تكون روسيا أكثر مساعدة على مكافحة ايران فلاحراز ذلك طريق واحد فقط هو تخل امريكي في عدة موضوعات عقائدية للتوصل مع روسيا ‘الى اتفاق رزمة’، تكون فيه مواد مساومة كثيرة. وأفضل لاسرائيل ان تحاول التأثير في الولايات المتحدة بشأن علاقتها بروسيا وألا تحاول الضغط على روسيا مباشرة لأن ذلك لن ينفع.