فليأخذوا المسؤولية

بقلم: أمنون لورد

مشكلة الرئيس الامريكي باراك اوباما يمكن اجمالها بكلمة واحدة: التردد الرجل يتميز بقصر نظر، وهو مشوش ويبث عدم ثقة. روح الامور في سياسته تتناقض مع كل موقف لسلفه بوش. هذه ليست سياسة بل خصام سياسي’، هكذا كتب في مقال بارز في صحيفة ‘الشرق الاوسط’. اساسه انتقاد لاذع لسياسة اوباما التي أدت فقط الى تفاقم عدم الاستقرار وسفك الدماء في المنطقة. ‘الاستنتاج المخيب للامال هو ان تمسكه العنيد بسياسته الانسحابية بكل ثمن، حتى في ضوء تطورات جديدة هو أن هذا ليس سياسيا خبيرا ذا قدرة على طرح حلول ابداعية، بل اكاديمي عادي يكرر من دون انقطاع شعارات عديمة المعنى’. وخلاصة ما كتب في المقال: اوباما هو الرئيس الاضعف في التاريخ الامريكي.

ما يفاقم الوضع هو أن يده اليمنى في السياسة الخارجية، الوزير جون كيري، هو على ما يبدو الشخصية الاكثر اثارة للشفقة، التي تتولى المنصب في اي وقت من الاوقات منذ بدأت اسرائيل تتعاطى مع وزارة الخارجية في الادارة الامريكية.

الوزير يصل الى اسرائيل وهو الاخر يكرر أقوالا عابثة جدا، بأنه في غضون اسبوع أو اسبوعين أو شهر يتعين على القيادات في اسرائيل وفي السلطة الفلسطينية ان يتخذوا قرارات صعبة. في كل مرة يأتي فيها مشدود الوجه واللسان الى اسرائيل، ينشأ العجب عما يفعل هنا حين يكون كل شيء في المحيط مشتعلا، حين تكون روسيا تعربد، حين تكون كوريا الشمالية تتحدى وحين يكون بحر الصين عاصفا.

لا يمكن لاسرائيل اليوم أن تتخلى عن اي معقل امني في مناطق يهودا والسامرة وحدود الاردن. فمنذ حرب لبنان الثانية ومنذ الحربين الصغيرتين في غزة، ‘الرصاص المصبوب’ و’عمود السحاب’ كان واضحا لاسرائيل ان كل تنازل اقليمي معناه تسليم مناطق لسيطرة حزب الله وحماس. المناطق تحت سيطرة حماس معناها الصواريخ على الجبهة الداخلية في اسرائيل.

ولكن منذئذ اضيف عدد كبير جدا من الاسباب لعدم القدرة على المضي قدما بشكل جدي في التسوية مع الفلسطينيين. فحسب المحلل القديم آرنو دي بورشغريف، الذي تمكن من الجلوس ثنائيا مع أنور السادات والنزاع مع غولدا، يوجد لاسرائيل 360 سببا للابقاء على معقلها في الضفة الغربية. ولكن هذه الامور على ما يبدو غابت عن ناظر جون كيري. فهو لا يزال يعيش في نشوة ‘نيويورك تايمزية’ في ‘الربيع العربي’، التحول الديمقراطي الرائع، سنة الاحتجاج 2011. ولكن من ناحية اسرائيل، حين تتصارع في سوريا قوى اسلامية على السيطرة في جبهة الجولان، لا يمكن لاسرائيل أن تقدم فجأة دولة عربية اخرى تنتقل على الفور الى حكم حماس. الحرب الفظيعة تهيئ الارضية لاحتلال الشرق الاوسط من قبل روسيا وايران. الاردن يترنح، ولا سيما بسبب أكثر من نصف مليون لاجئ سوري فروا اليه. وحسب بعض التقديرات، فستنزلق مصر هي ايضا الى الاضطرابات، هكذا يتوقع دي بورشغريف، كون اقتصادها في أزمة ويتقلص كل الوقت. بسبب العنصر الديني ستكون هذه اضطرابات دموية.

الامريكيون هم الذين كان ينبغي ان يفترض بهم وضع حواجز للروس. وحسب التقارير، فان روسيا تحشد اسطولا من 11 سفينة حربية في الحوض الشرقي للبحر المتوسط.

في هذا الوضع المتفجر يواصل الوزير كيري التمسك بنظرية انه يجب البدء بحل مشاكل الشرق الاوسط، من خلال تسليم كل اراضي يهودا والسامرة لغرض اقامة دولة فلسطينية. لا ينبغي للمرء أن يكون يمينيا كي يفهم انه لا يوجد اي احتمال اليوم لتنازل اسرائيلي في حدودها الشرقية. واذا كان احتمال، فقد كان قائما في السنتين الاوليين لحكم الرئيس اوباما.

في سلوكه السيئ الذي سبق أن حلل حتى التعب فوت اوباما الفرصة. في السنتين الاخيرتين ساهم الامريكيون في تدهور الوضع في المنطقة، وهم يتحملون المسؤولية عن عدم قدرة اسرائيل والفلسطينيين على الخروج من الوضع الراهن.

حرره: 
م.م