نحن لاعب فرعي فقط

بقلم: حنان جيفن
يبدو أن الحرب في سورية تنتقل الى حدث يشمل الهلال بكامله، ويغير تسويات تعود الى مئة سنة. اطار الدول القومية الذي فرضته القوى الغربية العظمى في اتفاقات سايكس بيكو، ذاك الذي حافظ على الخطوط الهيكلية لهذه الدول حتى اليوم يقف الان امام اختبار الوجود.
السؤال ‘ما هو الجيد لاسرائيل’، الذي يقفز على الفور هو السؤال الاقل صلة بمثل هذه الاحداث، لا لانه ليس مهما، بل لانه لا توجد جهة في المنطقة او في العالم قادرة على أن تعطي جوابا سليما. لا يوجد حل مدرسي. اسرائيل ليست جهة مهمة في النزاع الآخذ في الانبساط امام ناظرينا. نحن في اقصى الاحوال مجرد لاعب ثانوي.
ان الحرب المضرجة بالدماء في سورية تفرض شرخا جد مهم في تاريخ المنطقة الخصومة السنية ـ الشيعية. وثوران هذه الخصومة تطلق طاقات من الكراهية كانت حبيسة، وكانت تتجه نحو نزاعات اخرى. وهي تنضم الى الحرب الدموية بين الطائفتين والجارية فيالعراق، بعيدا عن الرأي العام الدولي.
مناطق اخرى يقطعها خط التماس السني ـ الشيعي تجتاز هي أيضا سياقات تمس بالاستقرار. فالتوتر الطائفي في لبنان يتصاعد، ومناطق الخليج (البحرين، شرق السعودية) هي على ما يبدو التالية في الدور للعمليات والاحداث التي تضعضع الاستقرار.
ما يمكن أن نشخصه هو معسكران، السني والشيعي، اللذان يغلقان كل الصفوف ويتعاونان حيال حجم التهديدات عليهما. نرى أن التزام الشيعة بايران وبلبنان بمساعدة حلفائهم العلويين يتصاعد. والهدف هو بناء اقليم قابل للدفاع، فيه أغلبية متماسكة للشيعة وللعلويين على طول البقاع اللبناني والشاطئ السوري.
وبالنسبة لدمشق: في هذه المرحلة لا يزالون يقاتلون عليها كرمز للسلطة، ولكن سقوطها في يد الثوار سيكون بالتأكيد ضربة معنوية، ولكنها لن تؤثر على قدرة بقاء الطائفة العلوية.
يصعد المعسكر السني الدعم المادي للثوار في سورية، يدفعهم نحو رص صفوفهم واخراج المتطرفين من الاطار. نهاية هذه المسيرة يمكن أن تكون تقسيم سورية عمليا الى كيانين. اما اذا سيكونان منفصلين أم في اطار كونفدرالي فهذه مسألة المفاوضات التي ستجري بعد أن ينتهي الطرفان من استنزاف احدهما للاخر.
مسيرة تغيير مشابهة كفيلة بان تقع في لبنان. الطائفة الشيعية قد تبدأ بالتفكير بتعابير البقاء من خارج اطار الدولة اللبنانية (السنية، الدرزية والمسيحية). فصعود قوة حزب الله ايقظ من سباتها مخاوف لدى عموم الطوائف في لبنان، والاخلال بالتوازن الهش على اي حال الذي كان قائما هناك. وهؤلاء، من جانبهم، سيستغلون تورط حزب الله في القتال في سورية لخلق واقع جديد في لبنان.
في كل هذه العملية الفوضوية اسرائيل كفيلة بان تكون مطالبة بان تشكل قوة استقرار وتساعد هذه الاطراف او تلك، أو ان تجتذب الى الداخل بشكل تدريجي (ولعل هذه هي الطريقة للانخراط في الهلال). وهي ستضطر الى الرد في كل مرحلة حسب مصالحها الواضحة في تلك النقطة الزمنية. وكما أسلفنا فلا يوجد حل مدرسي.
نقطة الضوء الايجابية في المدى الفوري هي أن الانشغال في النزاع الاسرائيلي الفلسطيني، المناطق وما شابه ينتقل الى المرتبة الثانية في ضوء الفظائع الجارية في العراق وفي سوريا ولبنان.