نجحت إسرائيل في التملّص من كل "فرصة أخيرة" للسلام

بقلم: أسرة التحرير
مساعي وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، للدفع الى الامام بالمفاوضات بين اسرئيل والفلسطينيين تصل منتهاها. ففي خطابه في المؤتمر السنوي للجنة اليهودية الأميركية بدأ منذ الان يرسم المستقبل المتوقع لإسرائيل إذا لم تصحُ وتسعَ الى اتفاق مع الطرف الفلسطيني. وقضى بان "من يعتقد بان الوضع الراهن في النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني يمكن ان يستمر، يعيش في الهذيان". وان كانت اقواله تقصد اسرائيل والفلسطينيين على حد سواء الا ان تحذيره بان "زمننا آخذ في النفاد، اذا لم ننجح هذه المرة فيحتمل بالتأكيد الا تكون فرصة اخرى. اذا استمر الوضع الراهن سيتعين على اسرائيل أن تختار بين كونها دولة يهودية وبين كونها ديمقراطية"، لا يترك مجالا للشك: اسرائيل هي التي ستتحمل عبء الفشل.
السياسة الشوهاء التي تبنتها حكومة اسرائيل، في أن المفاوضات ليست بينها وبين الفلسطينيين، بل بينها وبين الادارة الاميركية، تدل على أنها بالفعل تهذي. فحسب هذا النهج، كل المفاوضات لا تأتي الا لارضاء الصديقة الأخيرة لإسرائيل. وعندما يقل الضغط الاميركي ويرفع وزير الخارجية الاميركي يديه، يمر الخطر الذي في تدهور العلاقات، ولا تعود حاجة الى المفاوضات.
اسرائيل، كما يبدو، لا تشعر باي صدمة على نحو خاص، بسبب التهديد بانها ستضطر الى الاختيار بين طابعها الديمقراطي وبين يهوديتها ولا جراء التلميح شديد الوضوح الذي وضعه كيري امامها في أن اليهودية والديمقراطية ليسا مفهومين منفصلين. فالفكر الاخلاقي للصديقة الاميركية، والذي يقضي بان الدولة لا يمكنها أن تكون احتلالا الى الابد، بعيد عن فكر دولة تحيي اليوم ذكرى 46 سنة على الاحتلال الذي رأت فيه خلاصا من النوع المسيحاني الهاذي.
لقد اعتادت اسرائيل منذ سنين على اقوال من نمط "الفرصة الاخيرة للسلام"، نجحت في أن تتملص تقريبا من كل "فرصة أخيرة" كهذه، وحصنت نفسها ضد الضغوط من الداخل ومن الخارج. هذه المرة ايضا يكاد يكون ممكنا الاحساس بالرضى من اخفاق كيري، الذي تعاطت الحكومة معه ومع مهمته كمصدر ازعاج.
ان الوساطة الاميركية ليست الفرصة الاخيرة، ولكن هذه فرصة في ظروف مريحة. عندما تكون الضفة لا تزال هادئة، والسلطة الفلسطينية لم تستأنف بعد حملتها للاعتراف بدولة فلسطينية، والدول العربية مستعدة لتأييد كل حل مرن، والدول العالمية لا تزال لم تفرض مقاطعة رسمية على اسرائيل، تتجاهل هذه الظروف والجهد الاميركي، وتعرض مواطنيها للخطر.