ائتلاف يتحسّس طريقه

بقلم: ماتي توخفيلد
لم تبدُ دورة الكنيست الصيفية أبداً طويلة ومنهكة بهذا القدر. وبدلاً من أن تكون قصيرة وباردة، كما يحدث في أول ولاية الائتلاف في الشهور الأولى لتشكيل الحكومة الجديدة، يتمدّد وجه دورة الكنيست، حيث يتوق الوزراء من كل قلوبهم لإتمام هذه الدورة، والوصول إلى الإجازة التي تُنهي هذا الكابوس المتمدد واللاصق.
في الأسبوع الفائت غاب وزير المالية عن نقاش رفع الضريبة المضافة من دون إخبار إدارة الائتلاف. عضو الكنيست العربي الذي اتفق على مقاصة معه وصل فجأة للكنيست وصوّت ضد. عضوان آخران من حزب لبيد تغيبا عن هذا التصويت الهام.
وخرجت تسيبي ليفني هذا الأسبوع من الكنيست معلنة أنها عملت مقاصة مع عضو الكنيست ميكي روزنتال من حزب العمل، لكن روزنتال جاء لجلسة التصويت على ممثلي لجنة تعيين القضاة بدعوى أن هذه الجلسة غير مشمولة في المقاصة. واتفق جلعاد أردان مع أرييل أتياس على مقاصة وغياب مشترك من الكنيست، لكن أتياس وصل للتصويت لمصلحة المعارضة. وغاب داني دانون في الخارج من دون إبلاغ. موشي فايغلين صوّت ضد الحكومة بشكل دائم، وكذلك روبي ريفلين وغيلا غملئيل لا يريان نفسيهما ملزمين بمواقف الحكومة. فضلاً عن ذلك البيت اليهودي وحزب ليفني، الشريكان في الحكومة، جعلا الفيتو المتبادل والصراخ عادة.
وكل هذا فقط في الأسبوعين الأخيرين. رئيس الائتلاف، الذي علم عند توليه المنصب أن جنة عدن لن تكون هنا، لكنه لم يتخيل إلى أي جهنم سيصل. وحسب ياريف لفين، فبمعجزة لم يتلق الائتلاف هزائم في التصويت، رغم جزمه بأن هذا سيحدث وليس بعد وقت طويل.
وفي التصويت السري على تشكيل لجنة تعيين القضاة، حيث خسرت الحكومة وفقدت عضو الائتلاف في اللجنة، احتدت الفوارق بين الحكومتين السابقة والحالية. في الولاية السابقة كان الائتلاف لا يعيّن فقط ممثليه وإنما يختار أيضاً ممثلي المعارضة. أين ذاك من هذا.
إن مستوى الشك بين رؤساء الأحزاب يرتفع مع مرور الوقت. وبدلاً من بناء علاقات ثقة، تقود إلى علاقات عمل سوية، يحدث العكس تماماً. وإلى أن نشأ تعاون ما بين رئيس الحكومة ووزير المالية على خلفية مداولات الميزانية، كان مهماً لرئيس «هناك مستقبل» التذكير بأنه يخطط لأن يكون رئيس الحكومة المقبل، من على صفحات «نيويورك تايمز»، وهو ما أغضب نتنياهو. وبعد أن قبلت حركة تسيبي ليفني خطة رئيس الحكومة لتوسيع هيئة انتخاب الحاخام الأكبر، قرر البيت اليهودي الاعتراض واستخدام الفيتو. حينها ما الغريب أنه ليس لهذا الائتلاف ممثل في لجنة تعيين القضاة؟
تذبذب بينت
في البيت اليهودي يعلقون وضع الحكومة بما يسمّونه «الخطيئة الأولى» التي اقترفوها بأنفسهم. وتقول جهات في الحزب إنه لو لم نصرّ على الدخول مع لبيد على حساب الحريديم، لبدت الأمور بشكل مغاير. ليس فقط أن تؤدي الحكومة مهامها بشكل يشبه جداً الحكومة السابقة، وإنما يختفي أيضاً خطر العملية السياسية الذي قد يطل قريباً.
وفي البيت اليهودي يرون الجولات التي لا تتوقف لوزير الخارجية الأميركي جون كيري، والذي سيصل في الأسبوع المقبل إلى المنطقة، ولا يهدأ بالهم. هل كيري يطبخ شيئاً؟ يسألون بخشية. وإذا حدث ذلك ـ حيث توجد أغلبية تلقائية لأي تنازل أو تجميد أو أي مبادرة يقرّر رئيس الحكومة تبنّيها. هناك مستقبل سوف يدعمون. وحركة ليفني ستدعم. وحزب العمل سيؤيد من الخارج وربما الحريديم أيضاً سيؤيدون فقط لتلقين الجمهور الديني - القومي درساً حول الخيانة في نظرهم، التي أبقتهم خارج الحكومة.
وبالمقابل، لبيد مقتنع أن نتنياهو ينصب له شركاً منذ زمن، وأنه ينتظر الفرصة لإخراجه من الحكومة وإدخال الحريديم مكانه. ومن أجل ضمان عدم حدوث ذلك، يعمل للحفاظ على الصلة بينه وبين زعيم البيت اليهودي. وعملياً فإن بينت هو بوليصة تأمين لبيد في مواجهة خطوة مخطط لها كهذه من جانب نتنياهو. وإذا أعلن بينت عن انسحاب لبيد سيقود أيضاً إلى انسحابه، فإن انضمام الحريديم لن يساعد.
ولكن فرص حدوث ذلك ضئيلة جداً. وفي أزمة الزعامة التي يعيشها بينت داخل حزبه، مشكوك جداً إن كان بوسعه أن يستصدر قولاً جازماً بهذا القدر. والمنطقي أكثر أنه إذا هدّد بالانسحاب، أن يجد نفسه خارجاً وحده، فيما يواصل باقي أعضاء حزبه الجلوس بشكل مؤكد على كراسيهم.
وتقريباً فإن بينت لم يتمكن من تجاوز أي مشكلة. فتأييده للحاخام دافيد ستاف، لمنصب الحاخام الأكبر، لم يتقرر سوى هذا الأسبوع كما أنه غيّر موقفه من قانون عمار. وأفلح في تغيير موقفه بشأن قانون شتيرن لتوسيع تشكيلة الهيئة الناخبة للحاخام الأكبر على الأقل ثلاث أو أربع مرات، إلى أن اضطر ياريف لفين لتوجيه رسالة رسمية له، تطالبه بتوضيح موقفه فوراً بهذا الشأن.
تحالف مع عجوز
من المقرر أن يدشّن يوم الثلاثاء المقبل لوبي من أجل أرض إسرائيل، والذي أفلح في الكنيست السابقة في خلق الكثير من العناوين الرئيسية. وأعضاء اللوبي هم أساساً أعضاء الليكود والبيت اليهودي، وإذا استخرجوا منهم تصريحات كما في السابق ـ فإن اللوبي سيظهر بشدة الفوارق بين حليفين: البيت اليهودي وهناك مستقبل - فوارق بدأت أصلاً في الظهور.
ومثلما أن لبيد معني باستمرار الشراكة مع بينت للنجاة من وضع يدخل فيه الحريديم على حسابه، فإن بينت بحاجة للتحالف مع لبيد. ويخشى زعيم البيت اليهودي أيضاً من وضع كهذا أو سواه يدفع نتنياهو للتخلص منه، على خلفية أزمة الثقة بينهما. ووضع كهذا يمكن أن يبقى مثلاً، إذا تزعم حزب العمل بعد شهور عدة، على حساب شيلي يحيموفيتش، شخص أقل حزماً في معارضته دخول الحكومة.
وهنا تدخل إلى الصورة حركة شاس، أو الأصح أرييه درعي، الذي تزيد عودته لرئاسة الحزب فرص استمرار نتنياهو في تفضيل هناك مستقبل على شاس ـ وكان بوسع خطوة معاكسة أن تتم لو أن إيلي يشاي لا يزال يترأس حركة شاس. ولكن في المقابل، أعاد التغيير في قيادة شاس إلى الحياة التعاون القديم والمتجبر بين درعي ورئيس إسرائيل بيتنا، أفيغدور ليبرمان.
والصلة بين الرجلين، اللذين يسيران سوياً منذ زمن، تزداد وثوقاً في الأيام الأخيرة، وليس فقط حول خطط بعيدة المدى تتعلق بتشكيلة الحكومة، وإنما حول خطط أقرب بكثير ـ انتخابات السلطات المحلية. وفي مدن عدة هذا التعاون بات ظاهراً، حيث أن نواب رؤساء المدن من إسرائيل بيتنا و شاس شرعوا بالتعاون تمهيداً للانتخابات التي ستجري في تشرين الثاني المقبل.
إن التحالف بين ليبرمان ودرعي يمكن أن يدفع ذات يوم شاس إلى دخول الحكومة. وفي هذه الأثناء، وكما هو متوقع في العلاقات بين كتلة ائتلافية وأخرى معارضة ـ هم يلغيان بعضهما أيضاً. وفي جولة بينهما هذا الأسبوع فاز درعي، حينما أفلح في تعيين ايتسيك كوهين في لجنة تعيين القضاة على حساب دافيد روتام، المقرب من ليبرمان.
والرجلان صديقان حميمان لدرجة لا يصعب تخيّل كيف يجتمعان في مكتب ليبرمان، الذي يغرق في دخان غليون درعي وسيجار ليبرمان، ويتبادلان النكات على حساب بعضهما وعلى حساب روتام المسكين الذي بقي خارجاً (بالمناسبة، الأمر الإشكالي في الصورة الخيالية هذه هو واقع أن درعي توقف منذ زمن عن تدخين الغليون، كما أن ليبرمان منذ عامين على الأقل لا يدخن السيجار(.