إسرائيل تدوس على "لغم" اسـمـه "أمــلاك الغـائـبيـن"

بقلم: مئير بلايخ
وكأنه لا يكفي الشلل السياسي والفشل الاعلامي الدوري (حسب تحقيق أجرته اذاعة الـ بي.بي.سي" فان اسرائيل هي الدولة الرابعة في قائمة المكروهين في المعمورة) قد تصعد حكومة اسرائيل على لغم اعلامي ودبلوماسي آخر. ففي مداولات جرت، هذا الاسبوع، في المحكمة العليا تبين مرة اخرى أن الدولة تحفظ لنفسها بحق رفض دعاوى ملكية فلسطينيين في "المناطق" لاراض كانت لهم في شرقي القدس قبل العام 1948. قانون "أملاك الغائبين"، الذي سن في الكنيست في العام 1950، منح الدولة، من خلال القيّم العام، املاك من تركوها وانتقلوا الى اراضي دولة معادية. عندما سن القانون كان ينطبق على كل من اصبحوا "لاجئي النكبة" وتركوا أملاكهم في اسرائيل التي في حدود الخط الاخضر. وكان القانون يتناسب مع الظروف في ذاك الوقت، وكان ينسجم مع الرفض الاسرائيلي المطلق بالاعتراف "بحق العودة"، بينما تستوعب اسرائيل مئات الاف اللاجئين اليهود ممن خرجوا من الدول العربية وتركوا املاكهم هناك.
اليوم، بعد مرور 63 سنة على سن القانون، فانه يعود الى الظهور في اعقاب اجراء قضائي في المحكمة العليا. فأمام القضاة توجد أربعة استئنافات رفعتها الدولة تتعلق بمسألة انطباق قانون املاك الغائبين على أملاك في شرقي القدس، اصبحت في العام 1967 أرضا سيادية إسرائيلية. وقد رفعت الاستئنافات بالنسبة لقرار المحكمة المركزية في القدس في 2006 الذي قضى بان القانون لا ينطبق، وحكم لصالح سكان في "المناطق" تعرفهم الدولة كغائبين. وابلغ المستشار القانوني للحكومة، يهودا فينشتاين، المحكمة هذا الأسبوع بان هذه بالفعل أملاك غائبين، ولكن في الحالة الحالية تنقل الحالات موضع البحث الى لجنة خاصة. وقد عارض ذلك أصحاب الأملاك الذين يدعون بان هذه ليست أملاك غابين.
يسير فينشتاين في مسار خطّه سلفه، ميني مزوز، الذي يحفظ صلاحية الدولة، ولكن من جهة اخرى يوصي بعدم استخدامها. وقد علل مزوز في حينه قراره بالتغيير في النظام الدستوري في البلاد وتحول حق الملكية الى حق دستوري. وقد رأى أمام ناظريه المصاعب القانونية في جوانب واجبات دولة اسرائيل حسب قواعد القانون الدولي، كما لم يتجاهل خطر فتح جبهة اخرى على المستوى الدولي. "هذا موضوع صرف مصلحة دولة اسرائيل فيه هي الامتناع عن فتح جبهات جديدة في الساحة الدولية بشكل عام، وفي مجال القانون الدولي بشكل خاص"، كتب المستشار قبل ثماني سنوات الى وزير المالية في حينه، بنيامين نتنياهو.
عندما يدور الحديث عن املاك ذات ملكية يهودية اشتريت في عهد الحكم التركي او في عهد الانتداب البريطاني تبحث المحاكم حسب قواعد الملكية والأراضي وتقرر بانه يجب اعادتها الى أصحابها، حتى وان كان تنفيذ الحق ينطوي على طرد سكانها العرب، ممن اكتسبوا تصرفا بالملك، مثلما حصل في الشيخ جراح. الحكم بالنسبة للأملاك بالتي يملكها عرب وصفوا بانهم غائبون هو حكم مختلف ومميز. والخلاف القانوني الحالي الذي سيطرح القيادة السياسية لتحسم فيه قد يطرح على بحث داخلي ايضا مسألة العقار الفلسطيني الذي تركه أصحابه في القدس الغربية، في الطالبية مثلا. هذا الموضوع، الذي لم يثر حتى الان الخلاف، سيطرح على البحث فقط بسبب قصر نظر وتجاهل التمييز النابع عن السياسة الحالية بالنسبة لشرقي القدس. ينبغي الأمل في أن تتناول الحكومة في تشكيلتها الحالية هذه المسألة بشكل يختلف عن سابقتها.