التمرد

بقلم: شالوم يروشلمي
قال رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وهو يهز يده بإشارة استخفاف: «دعونا من الأمر، إنها انتخابات تمهيدية». وبدا أن الرجل غاضب. فهو لم يتوقع ضربة محرجة كهذه من نائب وزير دفاعه، داني دانون. وطوال سنوات يبذل نتنياهو جهداً أقصى لإظهار أننا جديون في موضوع السلام. وقد ألقى خطاب بار إيلان في العام 2009 كما التزم بحلّ الدولتين، وهو يعد في كل مكان على وجه البسيطة بأنه يفضل هذا الحل. كما أن نتنياهو دعا أبو مازن للجلوس إلى طاولة المفاوضات من دون شروط مسبقة، ويلقي عليه بذنب عدم التقدم بالعملية السلمية.
وها قد جاء نائب وزير الدفاع ليلقي بكل جهد رئيس الحكومة في القمامة. فما يفكر فيه الجميع ولا يقولونه، قاله دانون من دون أن يفكر كثيراً. فدانون يقر تحديداً أن كل هذا هراء: رئيس الحكومة لا ينوي التوصل لاتفاق مع الفلسطينيين، وهو يعلم أن اتفاقاً كهذا لن يقر في التشكيلة الائتلافية الحالية، وأن هذه الحكومة عموماً غير ملتزمة بالحل الذي يعرضه رئيس الحكومة. كما أن دانون أجرى الحساب البسيط التالي: 43 من بين أعضاء الكنيست الـ 68 في الائتلاف الحالي يعارضون إنشاء دولة فلسطينية.
وقال دانون ذلك في نهاية الأسبوع الفائت في مقابلة مع موقع .TIMES OF ISRAEL وهو الموقع الذي يديره دافيد هوروفيتش، الذي كان سابقاً رئيس تحرير «جروزليم بوست». وتمويل الموقع من يهودي ثري يدعى ست كلارمان المقيم في بوسطن، الولايات المتحدة. وكانت المقابلة ستمرّ بهدوء، ولكن حظ دانون أن في عالمنا تويتر. فقد بعث دانون برسائل حول المقابلة، الصحافيون تابعوا، القصة نشرت، رئيس الحكومة انفجر غضباً. أمس الأول سافر إلى بولندا. في الخلفية حام البلاغ السياسي المشترك، وكان أشد اعتدالاً. رئيس الحكومة تنكر للبلاغ. بدا للجميع أنه فقد السيطرة.
ولكن ماذا يهم دانون. لديه كل الأسباب للخروج راضياً. فقد وصل للقائه طافحاً بالثقة. فعلاً، عنده انتخابات تمهيدية، كما حلل رئيس الحكومة، فهو يتنافس على رئاسة مركز الليكود، وكل تصريحاته اليمينية التي تحظى بتغطية تزيد شعبيته لدى الناخبين. ويوم الاثنين تلقى دانون علاوة، بإطلاق اسمه على تعبير. تسيبي ليفني، الوزيرة العديمة النفوذ التي ترأس مفاوضات ليست موجودة، وصفت فلسفته بـ«الدانونية». دانون يتلذّذ. ويضحك ويقول: «قل لي، كم يجب أن أدفع لهذا الإبداع؟».
ودانون يمثل الجيل الجديد في الليكود: مجموعة أعضاء كنيست شبان، نشطاء، محبوبون، كلهم من رجال اليمين المكافح على شاكلة نفتالي بينت أو أوري أرييل من البيت اليهودي، وكلهم غرباء عن العملية السلمية المرتبطة بتنازلات، ومعارضون أفجاج لفكرة الدولتين ولا يخشون من واقع الدولة الواحدة بعد فرض السيادة الإسرائيلية على كل المنطقة من البحر إلى النهر. وهذه المجموعة عززت قوتها جيداً بعد الانتخابات. دانون غدا نائب وزير الدفاع، زئيف ألكين صار نائب وزير الخارجية، تسيبي حوتبولي صارت نائب وزير المواصلات، ياريف لفين غدا رئيس الائتلاف، وهناك آخرون.
وهذا الجيل على وشك أن يقفز عن المخضرمين. وهم يهجمون على المناصب العليا في الليكود لأنهم يعلمون أن هذا سبيلهم للقيادة العليا. وهم يقيمون اللوبي من أجل أرض إسرائيل، ويستغلون الأجواء اليمينية والغضب الهائل على نتنياهو والوزراء الآخرين الذين قادوا الحزب إلى فشله في الانتخابات الأخيرة. كيف يعلمون؟ خلال أسبوعين يجب إجراء انتخابات لكل رؤساء المؤسسات في الليكود وعقد المؤتمر. دانون، ألكين، لفين والأصدقاء يركضون للتنافس على كل منصب. نتنياهو ومعظم الوزراء القدامى حاولوا تأجيل المنافسة لعلمهم أنهم سيخسرون. وهذا أيضاً سبب المرارة الشديدة.
المهم جلست مع دانون في مطعم في أبو غوش. كان خارجاً من مقابلة أخرى في مركز الإعلام في نافيه إيلان مسروراً. وهو يحب الاستفزازات. وقد اجتاز طريقاً طويلاً ليحتل المكان الخامس في قائمة الليكود. وقد تصادم جبهوياً مع نتنياهو مرات عدة. في آب 2007 تنافس على رئاسة الليكود، ونال المكان الثالث بعد موشي فايغلين مع 3.5 في المئة من الأصوات. حينها اعتبر دعابة. في انتخابات 2009 التمهيدية تنافس دانون ضد مرشح نتنياهو في قطاع الساحل. وفاز عليه.
بعد الانتخابات الأخيرة طلب دانون أن يغدو وزيراً. نتنياهو منحه منصب نائب وزير الدفاع، لكن دانون بقي المعارض من قطاع الساحل. وهو لا يفهم سبب الجلبة. وهو يقول: «كل ما أقوله اليوم قلته قبل عام وعامين. لم أحرج رئيس الحكومة. قلت إني أعارض حل الدولتين. قلت إنه ليس في هذه الحكومة أغلبية لهذا الحل، لا في الليكود ولا في الحكومة».