تصفية حسابات داخلية بين حماس والجهاد الاسلامي

بقلم: عاموس هرئيل

اطلاق الصواريخ نحو النقب يبدو في هذه المرحلة بسبب مواجهة داخلية في قطاع غزة، بين حكم حماس والفصيل الثاني في حجمه في القطاع، الجهاد الاسلامي. الرد الاسرائيلي، بما يتناسب مع ذلك، كان محدودا نسبيا وهو يستند الى الفرضية بان وقف النار الذي تحقق بعد حملة ‘عمود السحاب’ في تشرين الثاني/نوفمبر من العام الماضي بقي مستقرا.

الحملة اياها، التي في حينه تعرضت للانتقاد بدعوى انه لم تتخذ فيها قبضة حديدية كافية ضد حماس، تتبين في نظرة الى الوراء ناجعة جدا. فقد مرت بالضبط سبعة اشهر منذ نهايتها، وهذه الفترة هي الاكثر هدوءا التي تسجل على حدود القطاع في الـ 13 سنة الاخيرة، اكثر من تلك التي بعد حملة ‘رصاص مصبوب’ في 2009، حين استخدمت اسرائيل قوة اكبر بلا قياس. وسبق اطلاق النار الان 40 يوما لم تطلق فيها الصواريخ ابدا. وقبل نحو اسبوع اطلقت صافرة انذار في منطقة عسقلان، ولكن في حينه شخصت رادارات الجيش الاسرائيلي صاروخا سقط داخل القطاع، كجزء من تجربة اطلاق نار قامت بها احدى المنظمات الفلسطينية.

وسواء الاستخبارات الاسرائيلية ام وسائل الاعلام الفلسطينية تعزو النار الى الجهاد الاسلامي. وقد جاء أغلب الظن انه تصفية حسابات من جانب المنظمة، بعد حادثة قتل فيها ناشط منها اثناء اعتقاله على ايدي اجهزة أمن حماس في غزة. ولم يصدقوا في الجهاد ادعاء نظام حماس في ان الرجل انتحر او قتل جراء انفلات عيار من سلاحه، واستمرت الجلبة في جنازة الناشط حين دهس رجل آخر من الجهاد بسيارة لحماس واصيب.

ومثلما حصل غير مرة في الماضي، كان رد الجهاد على الصدام مع حماس في شكل محاولة لتسخين الحدود مع اسرائيل. ولكن اسرائيل تقدر في هذه الاثناء ان ليس لحماس مصلحة في التصعيد، مثلما شهدت أيضا محاولات المنظمة تهدئة الخواطر في القطاع منذ اطلاق النار. وعليه، فقد حصر الرد الاسرائيلي بهجوم من الجو على مخازن سلاح وقيادات للجهاد، الى جانب اغلاق مؤقت لمعابر الحدود الى القطاع والاعلان بان اسرائيل ترى في حماس، المسؤولة عن اعادة الهدوء.

منذ تحقق وقف النار في نهاية حملة ‘عمود السحاب’ بقيت سياسة حماس على حالها: فرض الهدوء، بدعوى أن المواجهة العسكرية المتجددة مع اسرائيل ستعرض حكم المنظمة في القطاع للخطر وستغضب مصر، التي عادت الى التقرب منها منذ انتصار الاخوان المسلمين في الانتخابات هناك، ولا سيما على خلفية الشرخ بينه وبين ايران وسورية. ولضمان الهدوء، نشرت حماس مؤخرا قوة من 600 رجل أمن في القطاع مهمتهم الاساس هي منع اطلاق النار على اسرائيل. ولكن مصلحة حماس ليست بالضرورة مصلحة الجهاد الاسلامي او الفصائل الاسلامية المتطرفة والصغيرة، لتسخين الجبهة مع اسرائيل. في اليومين الاخيرين غمرت غزة موجة من الحماسة بعد فوز المتنافس الغزي في مسابقة ‘نجم وليد’ في العالم العربي. وكان الحكام وصفوا محمد عساف بانه ‘الصاروخ الغزاوي’، ولكن احداث ليلة امس توفر تذكيرا في أن في غزة لا تزال تطلق صواريخ من نوع آخر.