ســــرقــــوا لــــهــــم الــــدولــــــة

بقلم: د. مردخاي كيدار

إسقاط محمد مرسي من الحكم سيرضي معارضيه، ولكن الخطوة الدراماتيكية التي اتخذها الجيش المصري يمكن أن تتبين كسيف مرتد: فإلى جانب ملايين المتظاهرين المحتفلين، قد تخرج الآن الى الشارع كمية مشابهة من مؤيدي الرئيس المخلوع يرفضون قبول الحسم.

معسكر الإخوان المسلمون، وكذا مؤيدوه المحايدون، سيشعرون الآن بانهم سرقوا لهم الدولة، سرقوا لهم الانتخابات التي فازوا فيها بشكل ديمقراطي قبل سنة فقط. وقد تجر مصر، كنتيجة لهذه الخطوة، الى شراكة مصير بشعة مع سورية، فتعلق في حرب أهلية مضرجة بالدماء وطويلة السنين.

وبالذات بسبب التدخل العسكري فان احتمال ان تكرر الصورة السورية نفسها في مصر هو الآن عالٍ جدا. فقد اتخذ الجيش على نحو لا مفر منه، قرارا سيئا؛ فهو ما كان يمكنه أن يأخذ قرارا افضل في هذه الحالة، وكل خطوة كان سيتخذها كفيلة بان تتبين مع مرور الوقت بانها ذات معنى هدام.

قدر كبير جدا من الناس في مصر شعروا قبل بيان الجيش بان هذا يوم دراماتيكي، كل ما يجري فيه هو مثابة "إما الآن أو أبدا": معارضو الرئيس شعروا بانهم اذا عادوا الى بيوتهم، فان مرسي والإخوان سيسيطرون عليهم الى الأبد؛ والإخوان المسلمون كانوا واثقين من أنه إذا ما أخذ الفوز منهم بقوة الذراع، فانهم سيتحطمون كتنظيم وصل الى مبتغاه وفشل في مهمة الحفاظ على الإنجاز.

كل طرف طلب لنفسه انتصارا مطلقا، وتطلع المعسكران الى الحاق الهزيمة النكراء بالخصم. ولشدة الأسف، فانه في مصر ما بعد حسني مبارك لم يتطور إحساس جماعي يمكن للجميع في ظله ان يكونوا معا ويحلوا النزاعات بينهم بطرق سلمية.

وشكلت كل الظروف في مصر وقودا نفاثة لما نراه الآن: الاستقطاب الثقافي، التطرف السياسي، الصيف لحار، الاقتصاد المنهار، البطالة الكبرى، انعدام الأمل، العنف المتصاعد، رمضان المقترب وذخر الكلمات المتطرفة.

من استمع في الأيام الأخيرة الى المتحدثين المصريين الذين ظهروا في وسائل الإعلام، من على جانبي المتراس، اكتشف ذخرا من الكلمات والتعابير الجديدة والمقلقة التي سيطرت على الخطاب الجماهيري. وقد بدأ الأمر باسم الحركة المعارضة لمرسي، التي اتخذت لنفسها اسم "تمرد". هذه لم تكن مظاهرة، هذا لم يكن احتجاجا – هذا كان تمردا.

وكان الشعار الأكثر انتشاراً هو "ارحل"، وهو يشبه الشعار الذي رفع ضد مبارك في أواخر حكمه. بالنسبة لمرسي، كرئيس منتخب في الانتخابات الديمقراطية الأولى في تاريخ مصر، لم تكن هناك مهانة اكبر. كما أن هتافات "الشعب يريد إسقاط النظام" و "مرسي – كرسي"، أوضحت بان الحديث يدور من ناحية المتظاهرين عن نظام غير شرعي، بالضبط مثل ذاك الذي سقط بل سنتين ونصف. وعلى ذات الشرعية بالضبط حاول اللعب مؤيدو مرسي الذين تمسكوا بفوزهم في الانتخابات. والعنصر الجديد، المهدد هو الاستخدام الزائد الذي يتخذه الطرفان في تعابيرهما المطلقة التي لم تطرح في الماضي – "لن نتنازل"، "خط أحمر"، "الدم سيسفك". وهذا مواد المصيبة الوطنية تصنع منها، وليس واضحا اذا كان الجمهور سيستجيب لدعوات الجيش "لإبداء المسؤولية". مصر يمكنها بالتأكيد أن تتدهور الى حرب أهلية، مثل سورية.

حرره: 
م . ع