اقتراح قانون يحظر التبرع الخارجي الى منظمات حقوق انسان في اسرائيل

بقلم: عمير فوكس

بعد ان ماتت في الكنيست السابقة، بصوت خافت ضعيف، اقتراحات القانون من عضوي الكنيست أوفير ايكونيس وباينه كرشنباوم، اللذين أرادا المس بتمويل منظمات حقوق الانسان، يريد عضوا الكنيست إييلت شكيد وروبرت إلتوف احياءها باقتراح قانون الجمعيات الذي قُدم في الاسبوع الماضي يصاحبه اعلان لوسائل الاعلام عنوانه ‘قانون الجمعيات يعود بصيغة اكثر ليونة’.

يحظر اقتراح القانون بصيغته ‘المُلينة’ على جمعية ان تحصل على تبرعات تزيد على 20 ألف شيكل من ‘كيان سياسي اجنبي’، اذا كانت الجمعية مصابة إما بأهدافها وإما بأفعالها، أو بأفعال بعض اعضائها أو مديريها أو موظفيها على نحو صريح أو ضمني بواحد من الاشياء التالية: الدعوة الى محاكمة جنود الجيش الاسرائيلي أمام محاكم دولية؛ والدعوة الى قطيعة مع اسرائيل أو مع مواطنيها؛ ورفض وجود الدولة باعتبارها دولة يهودية وديمقراطية؛ والتحريض على العنصرية وتأييد الكفاح المسلح على اسرائيل. ومن المعلوم ان هذين الهدفين الاخيرين غير قانونيين أصلا، والجمعيات التي تعمل من اجلهما حكمها ان تُنقض عُراها. إن الهدف الحقيقي لاقتراح القانون هو اسكات جمعيات لا تعجب السلطة، وذلك بالمس بجمعيات يمكن ان تُنسب اليها الاهداف الثلاثة الاولى ـ التي من المهم ان نؤكد أنها قانونية تماما (الى الآن). ولهذا سيضر تبني اقتراح القانون ضررا شديدا بحرية التعبير وتشكيل منظمات في اسرائيل. وكما كتب في حينه المستشار القانوني للحكومة الذي أعلن بأنه سيرفض الدفاع عن اقتراح قانون ايكونيس وكرشنباوم في المحكمة العليا ‘إن اسكات نشاط يتم بحسب القانون لا يمكن ان يكون هدفا مشروعا’.

من المعلوم انه حينما يكون الحديث عن نشاط ‘صريح أو ضمني’، فان اثارة دعاوى أو الاتيان بأدلة (حقيقية) تتهم جنود الجيش الاسرائيلي بجرائم حرب يمكن أن يُفسرا بأنهما ‘دعوة الى محاكمة جنود الجيش الاسرائيلي أمام محاكم دولية’.

والدعوة الى القطيعة مع المستوطنات ايضا يمكن ان تُفسر (كما يجري في اطار ‘قانون القطيعة’) بأنها قطيعة مع مواطني اسرائيل؛ ومعلوم ان كل جمعية تريد المس بالطابع ‘اليهودي’ للدولة سواء عن أجندة علمانية أو عن أجندة ‘دولة كل مواطنيها’ يمكن ان يُفسر ذلك منها بأنه رفض لـ’وجود الدولة بصفة دولة يهودية وديمقراطية’.

والى ذلك، وفي اطار ‘تليين’ القانون، أُدخل الشرط الذي يطرح على الجمعية ‘خطايا’ كل اعضائها والعاملين فيها. لأنه اذا كانت النظرة في اقتراح القانون السابق الى الجمعيات على اعتبار أنها هيئات جامعة فانه يكفي هذه المرة ان يوجد ‘بعض اعضائها أو مديريها أو موظفيها’ ممن تناقض افعالهم صراحة أو ضمنا توجيهات شرطة الافكار. ويصعب ان نبالغ في درجة دحض الاقتراح في صيغته هذه التي تدعو الى اجراء اعمال تعقب وقوائم سوداء لناشطين ومتظاهرين واكاديميين وكُتاب مقالات لا يعجبون السلطة من اجل إدانة الجمعيات التي يعملون فيها على أثر ذلك.

والتعليل في أمر ‘التدخل الدبلوماسي’ غير مقنع البتة. فلا يوجد أي داع الى التفريق بين تبرعات مصدرها دول أو منظمات دولية وتبرعات مصدرها جهات خاصة.

فلماذا تكون تبرعات مصدرها دول يشتبه بتدخلها السياسي في شؤون اسرائيل الداخلية مرفوضة، في حين تكون تبرعات من منظمات دينية تعمل من دول اجنبية، أو تبرعات من أرباب مال مشروعة؟ معلوم ان التوجه هو مكافحة تبرعات تصل الى جهة واحدة من المتراس السياسي.

اذا أُجيز الاقتراح، لا سمح الله، فستدخل اسرائيل في قائمة جليلة تشتمل على دول كروسيا وفنزويلا يوجد فيها حظر كهذا على تبرعات لمنظمات حقوق انسان. وسيخدم الاقتراح فقط المُشهرين بسمعة اسرائيل في العالم.

هآرتس