المشروع الاستيطاني مجرد صفقة عقارية ضخمة !

بقلم: يونتان يفين
ثمة أنباء طيبة بأن شبكة الأثاث ذات الشعبية "إيكيا" تنوي انشاء فرع لها في رام الله، حيث سيستطيع الفلسطينيون آخر الامر ان يشعروا بأنهم جزء من اوروبا التي أدمنت عليهم، وأن يُنشئوا لهم دولة على الأقل بعدد من الإجراءات البسيطة والأدوات الخفيفة. قد يحتاجون آخر الامر الى بضعة لوالب، لكن لا ينبغي القلق؛ ففي منطقتنا يتجول بالصدفة تماما عدد من الاشخاص ينقصهم لولب، ويمكن الاختصار. من المؤسف فقط أنهم سيضطرون الى تسمية الدولة التي سيركبونها "باليستونج" أو شيئاً يشبه هذه الاسماء السويدية الغريبة. أما الأنباء السيئة فهي ان اوروبا استقر رأيها على فرض مقاطعة ضدنا. أجل مقاطعة مرة أخرى. وأجل مقاطعة اخرى. وسنستهين بها هذه المرة أيضا بيقين. وماذا يوجد في القائمة؟ إن الاتحاد الاوروبي استقر رأيه على أن يحظر على أعضائه التعاون مع أجسام إسرائيلية وراء الخط الأخضر. وهذه الخطوة ستسبب للدولة، التي لا تُفرق هي نفسها كثيرا بين القانوني وغير القانوني، ضررا يبلغ مليارات الشواكل. وتفيد التقارير أنه يوجد من وراء الستار دعم اميركي للعقوبة، لكن لا تقلقوا (مرة اخرى): سنشتري شطيرة نقانق في "إيكيا" في رام الله، حيث يصبح كل شيء على ما يرام.
أليست القضية في الحقيقة هي "الضرر الذي يبلغ مليارات الشواكل" لا المُثل المتحدث عنها عن "حقوقنا"؟ إن كل شيء ذو صلة بالمال. إن ما يهمنا وما يخيفنا هو ان التجارة ستتضرر وأن جدول المال النقد سيصبح واديا جافا، وهكذا الحال في قضية المقاطعات الاقتصادية وفي قضية "المناطق" التي هي في نهاية المطاف عقار ضخم لا أرض مقدسة أو "أرض إسرائيل".
هذا موضوع لا يُثار فيه نقاش مفتوح، وهو يستحق بيقين التطهير في الهواء النقي كي نرى كم من العقيدة الاستيطانية بريئة حقاً من اعتبارات (طبيعية، بالمناسبة) الربح الاقتصادي؟ إن قيمة الاراضي التي احتلتها اسرائيل لا تُعادل بالذهب الخالص، ولم يعد الله يخلق ارضا كما تعلمون. ومنذ العام 1967 كانت الدولة تنفق مبالغ كبيرة جدا في "المناطق"، ويشمل ذلك تسهيلات مفرطة للمستوطنين، كما يستثمرون حقاً في عمل عائلي ينوون أن يورثوه للأبناء والأحفاد. ونحن فقط، أعني المواطنين الساذجين، لا نسكن هناك، لا نسكن هناك.
أي أنه لا توجد أية اشارة الى ان اسرائيل تنوي ان تخلي أكثر الارض التي احتلتها أو تهدم الجدار الغولي الذي تُعرفه بأنه واقع. ومن الاشياء المعلومة أن "المناطق" المحتلة أصبحت في أيدينا أكثر مما لم تكن في أيدينا، وهذه الحقيقة تثبت واقعا من سنة الى اخرى، ومن مقاطعة اوروبية مهذبة الى اخرى. والساذجون الوحيدون الذين لم يربحوا شيئا من كل هذه الصفقة موجودون في الحدود القانونية ويظهرون بمظهر "بتسيلم". إن كثيرا من العائلات التي يُثقل عليها غلاء المعيشة في المركز لو أُتيح لها لانتقلت من الغد الى الشرق، لو لم يكن متوحشا جدا.
والسؤال الذي يثور عقب فرض المقاطعة الاوروبية هو: كم هو المال من كل ذلك؟ وما الذي يتبين لنا حينما ننقض الايديولوجية التي اشتريناها في "إيكيا" وركبناها فوق جبل المال الضخم هذا، وهو تريليونات أُنفقت على "المناطق" على مدى نحو خمسين سنة؟ إن المواطن الذي يؤيد الاستيطان والذي يصرف فائضاً ويقول "لا يجوز إعطاؤهم شيئا!" يبدو أنه يتحدث من القلب حقا، لكن ليس هو الذي يدير الدولة. فمن اجل هذا توجد مجموعة من ذوي الحس الساخر يفكرون بمفاهيم القسائم وقطع الارض لا الوطن. ولن يُحجموا عن اقتلاعه من بيته إذا كان ذلك أعظم مردودا.