فرصة حياة نتنياهو

بقلم: ألوف بن

يواجه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو فرصة حياته. فقد دعا مرة بعد اخرى الى تجديد التفاوض مع الفلسطينيين وها هي ذي دعوته تحققت. ويستطيع نتنياهو الآن أن يُظهر قدراته سياسيا ودبلوماسيا، وأن يصوغ حدود الدولة وأن يؤثر في صورة الشرق الاوسط الذي سيقوم فوق أنقاض الربيع العربي. فاذا نجح فسيبرز بين رؤساء الحكومات لا بسبب القِدَم والبقاء في المنصب فقط، بل بفضل تراثه السياسي.

يكره نتنياهو منذ عاد الى الحكم المبادرة ويفضل ان يُرى كأن القرارات فرضتها عليه قوى خارجية ضغط امريكي (خطبة بار ايلان وتجميد الاستيطان والاعتذار لتركيا) أو احتجاج عام (صفقة شليط ولجنة تريختنبرغ). إن ما نشره باراك ربيد في الاسبوع الماضي عن التوجيهات الاوروبية الجديدة المضادة للمستوطنات منحه القسط المطلوب من الضغوط لاستقرار الرأي على تجديد المسيرة السياسية. فقد وجد آخر الامر تهديدا من الخارج يُسوغ المخاطرة السياسية. ويستطيع نتنياهو ان يقول الآن انه لم يكن له مناص لأنه لو أصر على عدم منح الفلسطينيين أي تفضل لسارت اسرائيل في الطريق الى عزلة وقطيعة اسوأ كثيرا.

إن هذه الدعوى الدفاعية لن تُليّن المعارضة المتوقعة في اليمين لخطوات رئيس الوزراء السياسية. وكلما تقدم التفاوض وصاحبته خطوات على الارض سيزيد الانقسام بين نتنياهو وقاعدته السياسية. وسيضطر الى الاعتماد على يئير لبيد وشيلي يحيموفيتش وتسيبي ليفني، وعلى ميرتس والاحزاب العربية ايضا في ساعة الضيق، كي يتابع السير قدما. وسيكون هدفه ان يعزل المستوطنين ويعرضهم على أنهم زعران ‘شارة الثمن’ الذين يكرههم أكثر الجمهور.

يوجد ألف سبب يدعو الى فشل نتنياهو مثل كل أسلافه الذين فاوضوا الفلسطينيين. وهاكم قائمة جزئية: ان الفروق بين مواقف الطرفين هائلة، ولا توجد ثقة بين الزعيمين؛ والرئيس الفلسطيني محمود عباس ضعيف جدا، ورئيس الولايات المتحدة باراك اوباما غير مهتم، والايديولوجية والمخاوف أقوى من نتنياهو. ومن التناقض المنطقي ان التقدير الرائج الذي يرى أنه لن ينتج عن ذلك شيء يزيد في احتمال ان يتم التفاوض بجدية. فالجمهور غير مهتم ولهذا يستطيع المتفاوضون الحديث في هدوء من دون الضغط لتقديم نتائج فورية.

وتوجد اسباب ستسهم في النجاح ايضا، فالعالم العربي منتقض وضعيف، وزعماء المحور السني المعتدل يتوقون الى انجاز سياسي يُطيل حياة نظم حكمهم. وحماس قلقة من سقوط راعيها المصري محمد مرسي ومشغولة بتثبيت أركان حكمها وبزيادة قوتها العسكرية، وسيصعب عليها ان تعوق المحادثات كما في الماضي. ويدرك نتنياهو انه بغير اجراء مهم مع الفلسطينيين لن يؤيد ‘العالم’ عملية اسرائيلية على ايران. ووزير الخارجية الامريكي جون كيري شديد الحماسة للنجاح وعنيد ويعلم كيف يُدبر الامور مع الطرفين كما بيّن بتجديد التفاوض. ونتنياهو في ذروة قوته السياسية من دون أي منافس، وعنده ائتلاف حكومي بديل وسيؤيده أكثر الجمهور.

إن القرار الحاسم اذا في يده. يستطيع نتنياهو ان يدفع ضريبة كلام لتجديد المحادثات وأن يهرب منها حينما ينجح في إلقاء ذنب الفشل على عباس. هذه هي الطريقة السهلة التي ستُخلد صورته باعتباره رئيس وزراء جلس وسيجلس على كرسيه ولم يفعل شيئا. ويستطيع ان يتغلب على تردده وان يخاطر بغرض تحقيق مخطط بار ايلان وانشاء فلسطين المستقلة الى جانب اسرائيل.

حرره: 
م . ع