هل يتجه نتنياهو إلى الاتفاق مع الفلسطينيين؟

بقلم: عوزي برعام

أعلن وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، عن محادثات بين اسرائيل والفلسطينيين، وهذا في ظاهر الامر تمهيد طريق. لكن المخفي أكثر من الظاهر الآن أيضاً. ما الذي يخطر ببال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قبل دخول تفاوض مباشر مع الفلسطينيين؟ وما الذي يخطر ببال كل انسان يتحمل المسؤولية عن وجود الدولة؟ أفترض ان نتنياهو يتحرك بين نوعين من التسونامي يستطيع الفرار من واحد منهما فقط. أما الاول فهو تسونامي ضد دولة اسرائيل اذا امتنعت عن حل الصراع. وهو تسونامي بدأ برذاذ، لكنه سيقوى بعد ذلك كما حدث في جنوب افريقيا في ثمانينيات القرن الماضي.

والثاني هو تسونامي في الداخل ضده بصفته رئيس الوزراء اذا دخل المحادثات، لأنه آنذاك ستُفتح أفواه نفتالي بينيت وموشيه فايغلين وداني دنون وتسيبي حوطوبلي ويطلقون عليه حجارة المجانيق. وسيعلن على أثرهم حاخامو اليمين يوم "انكسار"، وهذا تسونامي حقيقي خالص.

ويجلس رئيس الوزراء في بيته ويقول في سره هامسا: "سأمتنع عن نوعي التسونامي. وسأنصرف عن المعركة لاحراز السلام وأحارب في معركة اخرى أبذل فيها أكبر قوتي. فإذا كان قد حُكم بالتفاوض فينبغي الاستعداد للمرحلة التالية وهي المعركة على وعي فشل جهود السلام. واذا نجحتُ في هذه المعركة، وهذا ما اؤمن به، فسأتجه الى الأوروبيين المصابين بمعاداة السامية والخاضعين لضغط الاسلام وأقول لهم إنني بذلتُ كل جهد وقلبتُ كل حجر لكن أبو مازن هو رافض عنيد. وسأقول لدنون ورفاقه إنني حافظت على مصالح اسرائيل الحقيقية، وسيصبح التسونامي الذي خططوا له بالطبع حملة دعائية تُمجد قدرتي الظاهرية على الهرب من الشحنة الناسفة التي دُفنت لي قبل ذلك".

إن هذا التحليل تعوزه معلومة واحدة بسيطة ومهمة وهي ما الذي يريده رئيس وزراء اسرائيل حقا؟ لقد خطب خطبة بار ايلان التي تؤيد حل الدولتين، لكن هل هذا هو موقفه حقا؟ واذا كان الامر كذلك فلماذا لم يدخل في برنامج عمل "الليكود" في الانتخابات الأخيرة؟ ولماذا أُخفيت هذه النقطة من الخطوط الأساسية للحكومة؟ من الممكن جدا أنه لو حدث ذلك لنشأت اختلافات شديدة في الرأي مع بينيت وافيغدور ليبرمان، لكن رئيس الحكومة لو فعل لأشار الى الجمهور العريض الى الاتجاه الذي يريد ان يوجه دولة اسرائيل اليه. إن الجانب المأساوي في كل البهلوانية التي قد تكون ناجحة هو اهمال اسرائيل لمصلحتها الوجودية وهي اتفاق سلام مع الفلسطينيين. يعلم نتنياهو ان اتفاق سلام كهذا سيفتح لاسرائيل طرقا الى العالم العربي ويمنحها دعما حقيقياً في مواجهة ايران. ويعلم ان اندماج اسرائيل في اوروبا سيصبح ممكنا وحقيقيا. ويعلم ان هذا سيُمكن الدول التي عقدت معنا معاهدات سلام من ان تروج لها بين شعوبها التي ترفض الاعتراف بها. لكنه لا يجرؤ الى الآن على مواجهة التوجهات القومية – الصوفية التي تبوأت مكانة قوية في قلب اليمين.

ربما يُظهر نتنياهو الآن وأنظار العالم متجهة اليه ولم يعد عنده وهم يتعلق بالرد على فشل المحادثات والبحث عن المذنبين بذلك، قوى خفية لم نؤمن بأنه يتمتع بها ويُظهر زعامة نحو الخارج ونحو الداخل. لأن المسؤولية ليست على كاهل تسيبي ليفني ولا يائير لبيد ايضا، فالمسؤولية تقع على كاهله، وهو لا يستطيع ان يشارك أحدا فيها. وأدعي أنه اذا جرؤ فسيجد خلفه أكثر الجمهور الذي ضاق ذرعا بالانتهازيين الذين ركبوا قطار "الليكود"، والقوميين المتطرفين الذين يحلمون بـ "الهيكل المقدس". إن الشعب مستعد للسير في اتجاه آخر اذا وجهه فقط رئيس حكومة دولة اسرائيل المنتخب. فهل يجرؤ؟.

حرره: 
م . ع