حافِظوا على "يهودا" و"السامرة".. أوصانا بيغن

بقلم: يوسي احمئير
"خيراً تفعل، يا رئيس الوزراء، بأن تحافظ على يهودا والسامرة. يجب أن تكون تحت سيادتنا. من المحظور أن تقوم دولة فلسطينية". هذه الاقوال سمعها رئيس الوزراء السابع، الراحل اسحق شامير، المرة تلو الاخرى من سلفه، رئيس الوزراء السادس، الراحل مناحيم بيغن، في لقاءاتهما في المنزل في شارع تسيمح في القدس. فقد درج شامير على أن يؤم هذا المنزل مرة كل شهر – شهرين كي يطمئن على صحة سلفه منذ اعتزل رئاسة الوزراء ("لم أعد استطيع") في ايلول 1983. وكانت اللقاءات تجرى ثنائيا، ولكن ليس بالضبط. ثمة زوج من العينين كانتا تشاهدان الرجلين عند حديثهما الحميم. هاتان العينان لرجل ثقتهما، الذي لم يكن حضوره يزعجهما. واليوم، بعد أن لم يعد هذان الرجلان المحبوبان معنا، في ختام مائة عام على ولادة مناحيم بيغن، وعام على وفاة خليفته، يمكن أن نروي بعضا من الاقوال التي قيلت في الاحاديث الحميمة بين قائد "ايتسل" السابق وقائد "ليحي" السابق. كلمات هي بمثابة وصية بيغن السياسية.
يقال عن مناحيم بيغن انه خلق سابقة الانسحاب الكامل مقابل اتفاق سلام. وليس صدفة أن مُنح بيغن جائزة نوبل للسلام. ذات الشخص الذي "يقرع طبول الحرب" – كما قال عنه خصومه السياسيون، وعلى رأسهم بن غوريون – كان الزعيم الاسرائيلي الاول الذي نجح في عقد اتفاق سلام. في صالحه يقال: هو أول من حطم دائرة العداء العربي حين أخرج كبرى الدول العربية واهمها من قائمة اعداء اسرائيل. لقد سلم بيغن كل شبه جزيرة سيناء، حتى آخر سنتيمتر، ولكن انطلاقا من المعرفة بأن هذه الارض الهائلة، ثلاثة اضعاف اسرائيل في حدود 1967، ليست جزءاً من بلاد اسرائيل التاريخية. لقد آمن بيغن بأن هكذا تكون اسرائيل أوفت بقراري الأمم المتحدة 242 و 338. أي سلمنا "اراضي"، على حد تعبير القرار، وليس "الأراضي".
برأي بيغن، لم يكن في تسليم سيناء ما يخلق سابقة في ساحات اخرى، وبالتأكيد ليس في الساحة الأردنية – الفلسطينية. حتى يومه الأخير، وفي السنوات الثماني لاعتزاله وعزلته أيضا، لم يكن مناحيم بيغن مستعداً لان يوافق على اقامة دولة فلسطينية. وعن حق ضرب التمييز: حكم "يهودا" و"السامرة" ليس كحكم سيناء. فهما مقاطعتان من الوطن. ولم يكن مستعدا حتى أن يسمع مجرد طرح القدس على طاولة المفاوضات. ومع ذلك اعترف مناحيم بيغن بالمشكلة الديمغرافية – الانسانية في "يهودا" و"السامرة". وهكذا طرح خطة الحكم الذاتي لعرب "يهودا" و"السامرة". وبالدقة: للسكان وليس للارض! حكم ذاتي يشمل كل مجالات الحياة – باستثناء شؤون الأمن والعلاقات الخارجية. بالنسبة له، هذا انجاز كبير لعرب "بلاد اسرائيل"، الذين لم يكونوا أبدا قريبين من الاستقلال.
في ختام مائة سنة على مولد مناحيم بيغن، يتعاظم الاعتراف بأنه وصل الى السلطة متأخرا جداً وترك السلطة مبكرا جدا. وعلى وصيته يجب الحفاظ، ولا سيما الان حين تجري على نحو شبه مؤكد المفاوضات مع السلطة التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية: حكم ذاتي فلسطيني، وليس دولة فلسطينية.
معاريف