مـــفـــاوضـــــات على مستوى القمة

بقلم: يوئيل ماركوس

لست فقط مع الاستفتاء الشعبي في مسألة التسوية النهائية مع الفلسطينيين، بل أنا أتوقع أيضا أن يطرح الفلسطينيون مسألة التسوية السلمية مع إسرائيل على استفتاء شعبي. في ضوء التنازلات التي سيكون الطرفان مطالبين بها، مهم جدا الا ينشأ الانطباع بأنهما يخدعان أو يحاولان الواحد غش الآخر. فنحن نرغب في أن نعرف، مثلا، اذا كان قطاع غزة "حماس" سيكون جزءا من التسوية أم ربما سيكون وحدة متطرفة منفصلة، تواصل القتال ضد إسرائيل. وسيرغب الفلسطينيون في أن يعرفوا اذا كانت حكومة إسرائيل قادرة على التخلي عن أجزاء من المناطق في الضفة والتغلب على "حماس" الخاصة بنا.

ايهود باراك، الذي هو الآن مواطن خاص يدير نمط حياة يتضمن وجبات عشاء في بيته مع نوادل بقفازات بيضاء، يؤمن بأن بيبي جدي بالنسبة للمبادرة السياسية. آخرون يرون انه لا بيبي ولا عقيلته ذات الرأي يؤيدان التنازلات. ويرى مقربوه ان بيبي يشبه اسحق شامير – يريد كسب الوقت.

هناك من يدعي بأن فكرة الاستفتاء الشعبي تتعارض مع الديمقراطية، زائدة، بل وخطيرة لأنها تخلق سابقة تقوض طريقة الحكم البرلمانية لدينا. إذ أي قيمة ستكون لمفاوضات على التسوية اذا سقط قرار الحكومة في استفتاء شعبي. وماذا سيكون مصير الحكومة التي تسقط قراراتها في استفتاء شعبي؟ هل ستضطر الى الاستقالة، أم ربما يتعين عليها تقديم موعد الانتخابات؟

لا تزال كل هذه الأسئلة سابقة لأوانها. في هذه اللحظة ستبدأ المفاوضات على المفاوضات. والتعيين المقترح لمارتين ايندك كمسؤول عن المفاوضات يثير التساؤل. فبصفته كان سفيرا في إسرائيل ورفيق درب لدنيس روس، فإنه لا يعتبر دبلوماسيا لامعا. فهو بقدر اكبر في مستوى اسحق مولخو، وليس ذا صلاحيات بقيادة الخطوات. موقفه الحيادي لن يعجب الحكومة الحالية، حتى لو لم يكن هذا الموقف ذا صلاحيات.

اذا كان الحديث هنا يدور عن حدث تاريخي وينبغي للمفاوضات ان تنتج قرارا واحدا في شكل نعم أم لا فإنه يستوجب أن يكون المفاوضون زعماء من الصف الاول. بيبي كرئيس وزراء هو الذي يجب أن يقود الطرف الإسرائيلي وليس مبعوثين من الدرجة الثانية، والطرف الفلسطيني يجب أن يمثله محمود عباس، بصفته زعيم "م.ت.ف"، وللرئيس الأميركي باراك اوباما ستكون هذه فرصة رائعة لتبرير حصوله على جائزة نوبل للسلام. بكلمات أخرى، العودة الى مؤتمر بحجم مستوى مؤتمر كامب ديفيد، الذي جلب زعماء أميركا، مصر وإسرائيل الى مفاوضات لم تتوقف الى أن وقع اتفاق السلام التاريخي مع مصر. فقد كان الرئيس جيمي كارتر ومساعدوه حاضرين طوال المؤتمر الذي استمر 13 يوما، حتى التوقيع على مسودة معاهدة السلام التاريخية مع مصر.

لقد جاء كارتر وفريقه مع أفكار وبدائل. أنور السادات ومناحيم بيغن اخرجا كل ما في قلبيهما. السادات طلب ان تدفع إسرائيل تعويضات عن كل الضرر الذي لحق جراء قصفها لمصر، وهدد بيغن بإجراء استفتاء بين يهود العالم بالنسبة لإخلاء مستوطنات "بتحات رفيح". وأخيرا اشترط بيغن الإخلاء بإقرار الكنيست بل ووافق على ان يظهر في المعاهدة بند يعترف بالحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني. بدون الحضور الجسدي للرئيس كارتر، بيغن ووزرائه ما كان يمكن لشيء ان يتحقق. في تلك الأيام، مثلا، أقنع موشيه دايان بيغن على ان يوافق بان تبحث كل المواضيع، بما فيها القدس. القدس؟ صدم بيغن، ولكن رد دايان العقلاني كان: "نعم، هم سيطلبون القدس ونحن سنقول لا. هذه هي طبيعة المفاوضات".

الأميركيون أيضا يجب أن يكونوا في الداخل. إذ إنهم هم أيضا يدفعون ويضمنون كل اتفاق يتحقق، بما في ذلك الأراضي التي ستجرد أو تخلى. بيبي. ابو مازن. اوباما. يدور الحديث هنا عن حد تاريخي، ومن المهم ان يكون في الدولتين للشعبين حق في ان يقررا في ان يقولا نعم أم لا.