نتنياهو يتجاوز كلّ "الخط الأحمر"

بقلم: اليكس فيشمان
يتجاوز رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، كل "الخطوط الحمر" التي بقيت فيما يتعلق بالإفراج عن سجناء أمنيين من السجون الاسرائيلية. ستكون هذه أول مرة تفرج فيها اسرائيل عن سجناء عرب من مواطني إسرائيل – قتلوا إسرائيليين أو يهوداً – تفضلاً على السلطة الفلسطينية. أُفرج في صفقة شاليت في الحقيقة عن ستة سجناء أمنيين من سكان اسرائيل، لكن ذلك كان جزءاً من صفقة للإفراج عن أسير، ولم يكن تفضلا. إن "عرب اسرائيل" على العموم لا يُعترف بهم سجناء أمنيين فلسطينيين، ولهذا ليس لهم الحق في زيارات الصليب الأحمر ما عدا سكان شرقي القدس الذين لهم الحق في ذلك، حسب اتفاق خاص. وحينما تُفرج إسرائيل عن قاتلين إسرائيليين قتلوا اسرائيليين ويهودا من أجل التفضل على كيان سياسي أجنبي فانها تتخلى عن سيادتها، ولا توجد سابقة كهذه في أية دولة في العالم.
تريد اسرائيل ان تأتي الى التفاوض في واشنطن بيدين نقيتين، باعتبارها تفي بالتزامها بالافراج عن سجناء ما قبل "أوسلو". وتريد اسرائيل ايضا أن تعزز أبو مازن، وهذا مهم. لكن ما صلة ذلك بالافراج عن سجناء مؤبدين إسرائيليين قتلوا اسرائيليين؟ صحيح أنه يوجد احتمال مرتفع ألا يكون الحديث يدور عن "مجرمين" يعاودون النشاط "الارهابي" في اسرائيل، لكن لقضية ردع "عرب اسرائيل" أهمية حاسمة، لأن الحديث يدور عن مواطنين يعيشون بيننا مع بطاقات هوية اسرائيلية وسيارات اسرائيلية.
سيكون من الصعب بلا ردع وعقاب شديد صد "المخرب" الاسرائيلي القادم. وهذه سابقة أيضا بشأن عشرات السجناء الأمنيين من "عرب اسرائيل" الذين تم اعتقالهم اثناء الانتفاضة الثانية، وكانوا مشاركين في نقل "منتحرين" ومساعدة "منتحرين" وأعمال قتل. فمن يضمن لنا ألا يُفرج عن هؤلاء في "التفضل" التالي الذي سيطلبه الأميركيون والفلسطينيون منا؟ إن نتنياهو باستقرار رأيه على الافراج عن سجناء أمنيين من "عرب اسرائيل" يُدخل أمن دولة اسرائيل الداخلي في منزلق دحض.
"عرب اسرائيل" ليسوا السابقة الوحيدة في التفضل الحالي على الفلسطينيين. لم تُفرج اسرائيل قط في اطار تفضل عن قاتلي مواطنين اسرائيليين أو يهود. وقد أفرجت عن قاتلين فلسطينيين بأعداد ضخمة مع التوقيع على اتفاق اوسلو، لكن لا أحد منهم قتل اسرائيليا أو يهوديا. بل قتلوا كلهم فلسطينيين (لهذا بقي في السجن أولئك السجناء الذين قتلوا اسرائيليين ممن يُعرفون بأنهم سجناء ما قبل "اوسلو").
أفرجت اسرائيل في صفقة جبريل عن مئات من قاتلي سكان "المناطق" مقابل أسرى وجثث. وأفرجت بعد ذلك عن "مخربين" مقابل جثث فقط. وأُفرج في صفقة شاليت عن مئات من قاتلي سكان من "المناطق" مقابل أسير واحد. وبعد مؤتمر أنابوليس في العام 2007 قامت اسرائيل بتفضل، فقد أمر رئيس الوزراء آنذاك، ايهود اولمرت، بالإفراج عن 400 سجين من "فتح" و"الجبهة الشعبية" لم يكن لأحد منهم دم على الأيدي.
اشترط الفلسطينيون ثلاثة شروط لدخول التفاوض وهي: حدود 1967 وتجميد البناء والافراج عن سجناء. وأقنع الأميركيون الفلسطينيين بقبول شرط ونصف فقط وهما: تجميد صامت خارج الكتل الاستيطانية كي تستطيع اسرائيل إنكاره والافراج عن سجناء ما قبل اوسلو. وهذان الشرطان يسهل على الائتلاف الحكومي ان يهضمهما، وستكون اجازتهما أسهل على نتنياهو. بحسب الاتفاق مع الأميركيين، ستفرج اسرائيل عن السجناء على أربع جولات، واحدة كل شهرين. نأمل ان تكون السوابق الخطيرة التي نشأت هنا مساوية للرهان الذي راهنه رئيس الوزراء كي لا يراه الأميركيون رافضاً للسلام.