نتنياهو الأسير

بقلم: باراك رابيد
أرسل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو رسالة هاتفية قصيرة للمراسلين بشأن الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين كجزء من استئناف المفاوضات قبل دقائق من نشرة الأخبار المسائية المركزية. واعتبر ذلك رسالة لشعب إسرائيل من منطلق أن رؤساء الحكومات يتخذون قرارات تخالف الرأي العام إذا كانت فيها مصلحة للدولة. لكن رسالته هذه كانت خالية من الزعامة.
أوضح نتنياهو أنه لم يقبل الشروط المسبقة للفلسطينيين بشأن التفاوض على أساس خطوط 67 أو تجميد الاستيطان. ونسي أن يخبر أنه لو استجاب لهذه الشروط لبقي القتلة خلف القضبان. كما نسي نتنياهو أن يخبر بالتزامه تقييد الاستيطان وكبحه في الشهور التسعة للمفاوضات، ولم يوضح أن غاية المحادثات هي تقسيم البلاد وإنشاء دولة فلسطينية على أكثر من 90 في المئة من الضفة الغربية.
لقد حاول نتنياهو عرض حقيقة الإفراج عن الأسرى بعد بدء المفاوضات وعلى دفعات وكأنها إنجاز. وأبدى تعاطفه مع العائلات الثكلى عن الظلم، لكنه بيّن أن هؤلاء يقبعون في السجون أكثر من 20 عاما. وختاما زعم، رغم أن ذلك لا يخفف من وقع القرار، أن «رؤساء حكومات سابقين أفرجوا عن أكثر من 1000 مخرب».
لو أراد إظهار زعامة لجمع نتنياهو وزراء الليكود قبل أسبوع، ليطلعهم على قراره موضحاً أنه مقابل هدف استراتيجي مثل استئناف العملية السلمية وتحسين مكانة إسرائيل الدولية، فإن الإفراج عن 104 معتقلين بعضهم بلغ سن التقاعد يعتبر مغريا. وكان سينصح الوزراء المعارضين بتقديم استقالاتهم.
ولكن بدلا من المبادرة وفض المعارضة والانتقاد، اختار نتنياهو التلعثم ثانية والمماطلة. وواقع وصول نتنياهو وضعا اضطر فيه لنشر «رسالة» كهذه وإجراء محادثات تليين طوال الليل مع 12 وزيرا ليكوديا مساء السبت قبيل القرار، تشهد على مدى بعده عن سلوك الزعيم الذي يحاول الظهور به.
ليس واضحا سبب تصرف نتنياهو بهذا الضعف، في وقت تتعزز فيه مكانته في الرأي العام. ونتنياهو يرى كيف أن نصف إعلان من وزير الخارجية الأميركي، عن استئناف محتمل للعملية السلمية مع الفلسطينيين، قفز بشعبيته في صفوف الرأي العام. وتظهر الاستطلاعات أن أغلب الجمهور يؤيد استئناف المفاوضات، يؤيد إقامة دولة فلسطينية ومستعد لتقديم الدعم لرئيس حكومة يحث خطوة سياسية.
ورغم كل هذا، فإن نتنياهو يتصرف كأسير في حكومته اليمينية، كرهينة لدى شركائه الائتلافيين وحبيس بيد حزبه. وهو يفهم جيدا ما هي المخاطر الاستراتيجية التي تواجهها إسرائيل إذا لم تستأنف المفاوضات مع الفلسطينيين، ولكنه لا يزال مترددا في قيادة خطوة بكل القوة وليس كمن فرض الأمر عليه. إن لدى نتنياهو سبل فرار مختلفة من هذا السجن، يمكنها ايضا أن تدخله التاريخ كمن قاد إلى حل الدولتين. والسؤال هو إذا ما كان سيستجمع جرأته وزعامته ليفعل ذلك فيما لا تزال الفرصة سانحة.