ومن الافضل ان نقود من أن نكون مقودين بلا هدى

بقلم: جلعاد شارون

مسألة الاستفتاء الشعبي لن تطرح على الاطلاق على جدول الاعمال اذا جرت المحاولة للوصول مع الفلسطينيين الى اتفاق دائم نهائي ومطلق. لن يكون هناك ما يُسأل فيه الشعب، إذ لن يكون اتفاق. ابو مازن لن يوافق على اقل مما اقترحه باراك واولمرت، ونتنياهو لا يمكنه ان يتقدم بمثل هذا العرض، وعن حق. وسرعان ما ستنتهي المفاوضات وتبدأ الفوضى: ضغط دولي، اضطرابات وجدال داخلي حاد ومقسم.

ينبغي السير في طريق آخر، التأكيد للفلسطينيين وللعالم ما نحن مستعدون لعمله. ينبغي لنا أن نكون مبادرين، ايجابيين، وعدم الانجرار وراء الاحداث، وعدم الوصول بلا خيار الى اماكن لا نريد أن نكون فيها، الى زوايا لا مخرج منها.

لا ينبغي لنا أن نطلب من الفلسطينيين الان الاعلان عن نهاية النزاع، لا نطلب الان ان يعترفوا باسرائيل كدولة يهودية. من ناحيتنا، فليواصلوا الكفاح في سبيل العودة، في سبيل الحرم والبلدة القديمة، في سبيل حيفا ويافا، في سبيل الشيخ مؤنس بما فيها اللونا بارك (وخذوا ميدان مواقع منا هدية).

يمكننا أن نوافق على ان يقيموا دولة على ارض ضيقة منذ الان، وعلى الباقي نتحدث لاحقا. قرابة 100 في المئة من الفلسطينيين من سكان الضفة سيعيشون في اراضي دولتهم وسيديرون حياتهم. يمكن الحرص على الطرق التي تخلق تواصلا للدولة الفلسطينية والعالم سيسره ان يهرع الى مساعدتها. نحن سنكون أول من يعترف بها، وهذا مجدٍ لنا. قد لا تكون هذه هي الدولة التي يتطلعون اليها، ولكن هذه بداية طيبة ومضمونة.

الامور التي يمكننها أن نعرضها عليهم هي انجازات ذات مغزى بالنسبة للفلسطينيين وهي ما ينبغي أن تتحقق. ماذا سيخرج لنا من هذا؟ اذا وافقوا، فستكون له دولة في مناطق أ زائد، والنزاع سيصبح جدالا اقليميا بين دولتين. توجد نزاعات عديدة كهذه في العالم. الاتهامات بشأن الاحتلال، القمع وما شابه ستشطب عن جدول الاعمال، وهذه اساس مشكلتنا حيال العالم. الزمن الذي سيمر سيسهل علينا وعليهم الاتفاق على الحدود الدائمة وعلى باقي المواضيع.

واذا لم يوافق الفلسطينيون على هذه العروض، فليتفضلوا ليشرحوا هم للعالم رفضهم قبول دولة بشكل فوري مضاف اليها الحق بعدم التنازل عن اي مطلب من مطالبهم الاخرى.

لا معنى للسير مع الرأس الى الحائط، لا يمكن الموافقة الان على كل ما هو مختلف عليه والوصول الى اتفاق دائم. من غير المجدي السير في طريق يؤدي بيقين الى الفشل. الفلسطينيون سيقولون: ما الذي يجعلنا نوافق على اقل مما سبق أن عرض علينا؟ العالم سيقبل الحجة وهذا سيجلب ضغط شديدا على اسرائيل للتنازل. وعندها إما أن تتراجع الحكومة أو تتعرض لهزيمة في الساحة الدولية. هناك حاجة لنهج مختلف، ابداء المرونة اينما كان ممكنا، والفهم باننا اذا كنا نريد حقا الوصول الى مصالحة، فهذا سيستغرق وقتا – ستمر سنوات لا يحصل فيها اي من الطرفين على كل ما يريد بل ولن يضطر الى التنازل عن احلامه.

لا توجد امكانية لتجاهل المشكلة وكأنها غير قائمة، العالم لن يتركنا التصرف هكذا. العالم مزدوج الاخلاق ومصاب باللاسامية، ولكن حاليا لا توجد طريقة لاستبداله. مع هذا العالم ينبغي أن نتدبر. ومن الافضل أن نقود من أن نكون مقودين بلا هدى كما حصل لنا طوال السنين في طريق لا يؤدي الى اي مكان.

حرره: 
م . ع