تفاوض على حبل موتّر

بقلم: دان مرغليت
من المنطق ان نفترض ان بنيامين نتنياهو كان يريد ان يدفع الى هاوية النسيان أحداث أمس. استلقى عند الفجر منوما تنويما كاملا على سرير العمليات الجراحية في هداسا، وما زالت تنتظره بضعة ايام من الألم، وفي الساحة السياسية حدث حدثان يشبهان صورة في مرآة تشير الى الصعاب المثقلة على رئيس وزراء اسرائيلي قُبيل كل تحادث مع الفلسطينيين.
لو أنه استطاع فقط ان يمحو بما يشبه صفقة بارتر هذين الحدثين، وهما موافقته الصامتة على بناء 1200 وحدة سكنية جديدة في القدس واريئيل في هذا الوقت خاصة، والكآبة النفسية التي تصاحب الافراج عن مخربين قتلة لمحادثة القيادة الفلسطينية التي ما زالت تحرض على دولة اليهود.
يأتي نتنياهو الى التفاوض بيدين مقيدتين. كان يفضل ان يستطيع ان يقول لمحادثيه ولا سيما الامريكيين أنه منح أبو مازن فرصة وأوقف البناء في المستوطنات بصورة مؤقتة مرة اخرى كي لا يكون عند الفلسطينيين شيء يقولونه؛ وكان يفضل ان يفعل ذلك من دون ان يفرج عن قتلة بغيضين.
إن هذا الافراج أصعب من ان يحتمل. هاتفتني أمس بيلا فرويند، وهي امرأة صالحة مقدسية حمت في بطولة قاتلا عربيا رأت يهودا يريدون ان ينكلوا به لأنها آمنت أنه يوجد قضاة في القدس، لكن علمت الآن في ما يشبه الذهول ان القاتل الذي حمته بين المفرج عنهم وصرخت صراخ أيوب.
ليس الحديث عن أمر شعوري فقط. ولا عن شيء ذي أثمان سياسية يجب على كل رجل حياة عامة ان يأخذه في حسابه، فمن الواضح ان الانسان قريب من نفسه. إن الشيء الجوهري هو أنه في كل مرحلة من مراحل التفاوض تصبح قدرة الزعيم الاسرائيلي على الحيلة أقل وأكثر تضاؤلا ومحدودية من المرونة عند خصومه. هذا ما كان في التفاوض مع مصر ومع الاردن، وهذه هي الحال ايضا حينما نفاوض زعماء الفلسطينيين.
إن مشكلته الرئيسة هي ان المشاركين في المسيرة السياسية من دون فرق في الجانب والمتراس يحرصون على التعبير عن عدم رضاهم. وقد جاء نتنياهو بموافقة صامتة من الامريكيين على اعلان مناقصات لبناء 1200 وحدة سكنية (وقيمة ذلك تصريحية لأن الشقق ستبنى في واقع الامر بعد وقت طويل) ولا يوجد من يبارك ذلك في حزب البيت اليهودي. على عكس ذلك سُمع من نفتالي بينيت الى أوريت ستروك نغمة واحدة تقول إن ذلك غير كافٍ ومتأخر جدا. وكذلك الامر ايضا في الجناح المقابل. فهناك مكونات مركزية من الحكومة غاضبة لا من المعارضة فقط. أُرسلت تسيبي ليفني لاجراء تفاوض في ظروف يعتقد عمرام متسناع انها غير مطلوبة البتة وأنها تثقل على المحادثات.
ويأتي الفلسطينيون الى طاولة التفاوض مع اختلاف جوهري مع حماس والجهاد الاسلامي، لكن بتنسيق معقول مع القيادة في رام الله. وتأتي حكومة اسرائيل الى النقطة نفسها وكأنها تسير على حبل موتّر على ارتفاع عال، ويجب عليها ان تفحص طول الوقت لترى حتى لا تزل قدمها. فلا يوجد في هذا الموضوع ايضا تساوٍ في حمل العبء.