حملة سيناء المصرية

بقلم: تسفي بارئيل
‘اذا كانت اسرائيل هي التي هاجمت في سيناء، فعلينا أن ندعم جيشنا في مواجهته مع اسرائيل، ولكن كون الاخوان المسلمين يستغلون الحدث في صالح الرئيس المعزول فهذه نذالة’، كتب الكاتب المصري المعروف علاء الاسواني على صفحته في الفيسبوك. ‘الحدث في سيناء’ تصفية ناشطي الارهاب من الجو، المنسوب لاسرائيل يدفع في اليومين الاخيرين الاسواني وزملاءه العلمانيين والليبراليين الى أزمة سياسية. فاذا اتهموا الجيش المصري بالتعاون مع اسرائيل فانهم يكونون قد أطلقوا النار على اقدامهم، لان الجيش هو في هذه اللحظة سندهم المتين، الكفيل بان يمنع عودة الاخوان المسلمين الى الحكم. وبالتالي محظور وصمه بالتعاون او باعطاء إذن لاسرائيل بالهجوم في سيناء. وهكذا، سكتت فجأة الدعوات التي اطلقت قبل سنة للتحقيق كيف سمحت مصر لقوة اسرائيلية بالتسلل الى الاراضي المصرية. والان الرواية العسكرية الرسمية هي التي تقتبس في صحف المعارضة، وبموجبها مروحية مصرية هي التي صفت الخلية الارهابية عند اعدادها تنفيذ عملية، بل وجندت هذه الصحف لمعونتها وزير الدفاع الاسرائيلي موشيه بوغي يعلون الذي تصدرت تصريحاته عن ‘احترام اسرائيل للسيادة المصرية’ العناوين الرئيسة.
الاسواني، كاتب الرواية ذائعة الصيت والتوزيع ‘عمارة يعقوبيان’ وعضو في حركة ‘كفاية’ نسي على ما يبدو انه فقط قبل يومين اتهم اسرائيل في أنها تدعم الاخوان المسلمين كي يمنعوا حماس من تنفيذ العمليات ضدها. وماذا سيقول الان بعد ‘الحدث’؟ ان اسرائيل هي شريك الجيش المصري، حليف محبي الديمقراطية؟ لهذا الفخ الثقافي آثار عملية، إذ أنه خلافا لعهد مبارك، توجد للجيش المصري حاجة لاسناد جماهيري كي يتمكن من العمل في الجبهتين اللتين يحشر فيهما: الجبهة الداخلية السياسية حيال الاخوان المسلمين والجبهة الامنية في سيناء. وهاتان جبهتان مرتبطتان الواحدة بالاخرى، ولا سيما بعد أن صرح محمد البلتاجي، عضو اللجنة التنفيذية في حزب الحرية والعدالة التابع للاخوان المسلمين، قبل بضعة اسابيع ‘اننا يمكننا أن نوقف ما يحصل في سيناء في لحظة، على أن تعيد مرسي الى سابق عهده’.
وزير الدفاع، عبدالفتاح السيسي، لا يتمتع بحق الاختيار بين الجبهتين. كلتاهما ساخنتان، وكلتاهما تتطلبان عملا فوريا، بعد أن فشلت مساعي الوساطة الدولية، بما فيها الامريكية التي تلقت ضربة جماهيرية. فاذا بدا السيسي كمن فشل في المعركة في سيناء فانه سيجد صعوبة في الحفاظ على شعبيته الجماهيرية في القاهرة، واذا لم ينهي المظاهرات الكبرى للاخوان المسلمين في ميدان رابعة العدوية في القاهرة فان الدعم للمعركة في سيناء سيتقلص هو الاخر. وفي سيناء أيضا توجد للسياسة المحلية اهمية شديدة في نجاح المعركة العسكرية ضد منظمات الارهاب. الجيش، الذي يحتاج الى التعاون الاستخباري من جانب رؤساء القبائل البدوية، التي جزء من ابنائها يشاركون في الارتزاق من مساعدة منظمات الارهاب، ملزم بان يختار اهدافه بدقة. في الحديث الاخير، مثلا، قتل ثلاثة من ابناء قبيلة السواركة وآخر من قبيلة التايه. وحظيت جنازاتهم بتغطية واسعة وظهرت فيها قوافل طويلة من المعزين من كل القبائل. ولكن في هذه الاثناء لم تنطلق دعوات الثأر ضد الجيش او الغاء اتفاقات التعاون التي تحققت بعد جهد كبير. وفي نفس الوقت يواصل ممثلو حزب العدالة والحرية للاخوان المسلمين العمل في اوساط البدو لتجنيدهم للعمل ضد حكم الجيش والدعوة الى اعادة مرسي. البدو، الذين ايد بعضهم انتخاب مرسي رئيسا بعد الوعود الكثيرة التي وعدوا بها بميزانيات التنمية (والتي يكاد شيء منها لم يتحقق) وان كانوا يحملون ورقة عسكرية وسياسية قوية، الا انه اذا استمر ابناء البدو في التعرض للقتل في العمليات العسكرية، فقد يديرون الظهر للجيش ويجعلون من الصعب مكافحة الارهاب. وحسب تقارير في مصر فان الجيش يصب مبالغ من المال مباشرة الى زعماء البدو لحفظ دعمهم، ولكن الخلافات داخل القبائل تجعل من الصعب خلق جبهة موحدة ضد ناشطي الجهاد الذين يتلقون التمويل من تبرعات من خارج مصر ومن منظمات متفرعة عن القاعدة في اليمين وفي السودان. ومن هنا ايضا الصعوبة في مواجهة مؤيدي الاخوان في القاهرة، لان القرار بتفريقهم بالقوة من شأنه أن يسفر عن سفك دماء ليس فقط في القاهرة، بل ايضا لاشتباكات عنيفة مع مؤيديهم في سيناء وفتح جبهات مدنية سيجد الجيش صعوبة في مواجهتها. الحل الممكن هو حل وسط مع قيادة الاخوان المسلمين في القاهرة، الذي يبدو انه آخذ في التبلور. وحسب التسريبات في وسائل الاعلام المصرية، فان بعضا من قيادة الاخوان مستعد للتراجع عن مطلب اعادة مرسي الى الحكم مقابل تحرير معتقلي الاخوان، تعديل بنود في الدستور والالتزام بعدم اخراج الحركة عن القانون. اما قيادة الاخوان فتنفي حاليا وجود مثل هذه الاتفاقات وفي القاهرة يفحصون حتى متى سيطول صبر الجيش.