بقلم: سمدار بيري
من يبحث عن العدالة والديمقراطية والمساواة في الحقوق لجميع المواطنين يحسن به ان يبتعد عن مصر. صحيح ان الجنرال السيسي وعد، لكن الجنرال السيسي لا ينوي الوفاء.
إن العنف الهائج في القاهرة هو معركة كسر أيدي، فهناك من جهة الجنرال عبد الفتاح السيسي، قائد الجيش وأقوى رجل في الدولة والحاكم الوحيد لها، ومن الجهة الثانية الرئيس المعزول، محمد مرسي، المحتجز بصفة مُحقق معه ويتوقع ان يصل مثل مبارك الى مقعد المتهمين في "محاكمة القرن الثانية". وهو يمكث الى ذلك الحين في الموقع المغلق للشرطة السرية، ويحظى بزيارات فقط من أولئك الذين نالوا موافقة السيسي وهم مستعدون لترديد ما يريده الجنرال.
هذا موضوع عنف يشد الأعصاب بروايتين: فالسيسي وعد بعدم استعمال القوة، وأقسم أنصار مرسي أن يتم احتجاجهم بطريقة سلمية، وفي صباح أول من أمس قلب المعسكران الطاولة. فقد أرسل السيسي دبابات وبلطجية، واستعمل مؤيدو مرسي قبضات الأيدي والسكاكين والبنادق؛ وجند السيسي شيخ الأزهر، واجتمع فقهاء كبار آخرون في ميدان مؤيدي مرسي. وقد توسلوا في المعسكرين على كل حال لوقف اطلاق النار على المدنيين.
إن الاسلاميين كما يبدو الآن لا ينوون التخلي. فقد انتهزوا فرصة خلع مبارك، وهم يعلمون أنه قد حُكم عليهم تحت إمرة السيسي بأن يعودوا إلى وضع الحركة السرية. لهم أعصاب قوية، لكن ليس لهم في الأساس ما يخسرونه، حيث لا ينتظرهم سوى السجن. أما السيسي في المقابل فمن الضروري له أن يُفرغ الميادين بأقصى سرعة ممكنة. إن الرئيس الذي عينه ونائبه ووزراء الحكومة أُصيبوا، أول من أمس، بصدمة تامة، وبقي قائد الجيش وحده في الميدان.
الآن في ذروة آب الحار الذي يمر بمصر، يُعد السيسي المحاكمات. وأصبح المحققون يجلسون في سجن طُرة عند رؤساء "الاخوان المسلمين" ويصوغ المدعي العام بجد لائحة اتهام ضد مرسي. يصعب أن نُقدر متى ستخلو الميادين من الإسلاميين وبكم من القتلى ستنتهي المرحلة الحالية من حرب مصر، لكن الطرفين يعلمان أن عدد الضحايا سيزيد، وهكذا سيزداد الضغط من العالم الخارجي. وقد أشار السيسي من قبل الى الأميركيين ألا يتدخلوا، وعبّر للرئيس اوباما عن رأيه في ترتيبات أولويات البيت الابيض بأصرح صورة. وبعد أن سمع من آشتون ومن الاميركيين أن "هذا ليس انقلابا عسكريا" فلن تكون له مشكلة في أن يقول لكل من يتصل به: "لا تشوشوا عليّ، فأنا مشغول وأنا مُستخفّ بكم".