إذا عرقلت إسرائيل مسيرة السلام فستنزلق إلى بحر الفوضى

بقلم: حاييم آسا*
بينما تشتعل مصر، سورية، وبيروت، تحرر إسرائيل سجناء وتجري اتصالاً مباشراً بين إسرائيليين رسميين وفلسطينيين رسميين حول تسوية سلمية. الفوضى فالتة العقال تقف حيال الهدوء، الظاهر، الذي يخلق النشاط الدبلوماسي الإسرائيلي مع الفلسطينيين. ويدور الحديث عن النقيض التام لوضع الشرق الاوسط مثلما كان في عشرات السنوات الأخيرة. في حينه كان الشرق الأوسط هادئاً ومستقراً، ظاهرياً، والإسرائيليون وحدهم الذين "عرضوا للخطر" الاستقرار في المنطقة.
وعليه، فان السؤال الذي يوح في الهواء هو "هل من الجيد لإسرائيل ان تجري مسيرة سياسية أم لا. اليمين في إسرائيل يدعي أن لا، ولكن نذكر انه ادعى هكذا دوما. خسارة، لان صورة الوضع الحالي جيدة لإسرائيل، بل وحرجة. وتوريد الاكسجين الذي يمكن لإسرائيل أن تربحه منوط بوجود مسيرة سياسية. ومع ذلك، فان المفاوضات عديمة القيمة اذا لم يكن لها هدف واضح وحقيقي، بمعنى – اذا لم يكن في اساسها أمل من الطرفين للوصول الى نهاية ناجحة. لهذا الغرض فان الطرفين مطالبان بخلق الثقة، غير أن الوضع الذي بدأت فيه المفاوضات لم تكن ذرة ثقة بين الطرفين. وهذا هو السبب الذي يجعل إسرائيل مطالبة بان تتخذ خطوات لبناء الثقة فحررت سجناء، "مخربين"، وقتلة من السجن. يجدر بالذكر أنه لا توجد مفاوضات مجردة، هذه مسيرة تلزم الطرفين "بدفع اثمان". خطوات بناء الثقة هي الاثمان "التي على الطريق"، وهي اثمان تتيح المسيرة نفسها. إسرائيل تدفع الاثمان العالية كورقة ضمانة لنواياها الجدية، والمسيرة نفسها تساهم في مكانتها بشكل كبير، مكانة لها تأثير مباشر على مكانتها الاستراتيجية.
ليس واضحا لاي منا اذا كانت هذه الخطوة الإسرائيلية الناجحة هي نتيجة استراتيجية إسرائيلية ام ضغط أميركي. كلنا نعرف بان هذا الطريق ليس طريق اليمين، الذي يوجد اليوم في الحكم في إسرائيل. هناك غير قليل في اوساط اليمين ممن يتوقعون انهيار المسيرة، صحوة احد ما او فقدان تصميم الأميركيين. ويجدر القول لرئيس الوزراء: سر الى هذا حتى النهاية. حتى لو ترك بينيت ورفاقه، حتى لو هجر فايغلين ورجاله "الليكود". إسرائيل والفلسطينيون يمكنهم أن يكسبوا الامر الذي توقعوه منذ سنوات كثيرة جدا – استقرار العلاقات بينهم، وهذا يمكن أن يحصل فقط في وضعيات نادرة، مثل الآن. فبالذات الان الأميركيون يحتاجون لجزيرة صغيرة من الاستقرار داخل الفوضى. بالنسبة للأميركيين شكل موضوع الاستقرار في الشرق الاوسط دوماً استراتيجية تأسيسية. هذا هو السبب الذي يجعلها دوما مصممة على السير حتى النهاية. اذا فوتنا اللحظة يحتمل الا تعود، وهكذا يحتمل ان ننخرط في الفوضى المجنونة التي حولنا. التسوية التي يحتمل أن نكون نسير نحوها أهم من أي شيء آخر حتى من الشعار الممجوج المسمى "التهديد الإيراني".
يظهر مبعوثو اليمين بين الحين والاخر في وسائل الاعلام الإسرائيلية ويدعون بوجود صفقة بين بيبي والأميركيين – نحن نسير نحو تسوية وانتم تسمحون لنا بمهاجمة الايرانيين. هذا طرح مجنون، عديم المنطق، ولكنه تعليل رائع من أجل اقناع اليمين غريب الاطوار بانه من المجدي الوصول الى تسوية مع الفلسطينيين. وها هو دليل على أن للسخافة ايضا قيمة ايجابية.
اذا عرقلت إسرائيل مسيرة السلام، فانها ستجد نفسها داخل الفوضى. من يعتقد أن قرار الوصول الى تسوية هو أصعب القرارات لا يفهم بان القرار بعدم خوض المسيرة حتى نهايتها هو القرار الصعب. هذا سيكون قرارا عديم المسؤولية وغير رسمي، قرارا سياسيا يخدم بعض اللاعبين الذين يتمسكون بكراسي الائتلاف، ولديهم ظاهرا القوة لتهديد رئيس الوزراء سياسيا. لم افكر ابدا يوما اني سأكتب مقالا يشجع نتنياهو بل يثني عليه. ها هو، هذا أيضا يحصل.
* مستشار استراتيجي لاسحق رابين.